الاثنين، سبتمبر 10، 2012

رجلان من الجنوب


محمود ياسين

يجدر بنا المراهنة على القائدين الجنوبيين في صنعاء هادي والدكتور ياسين لجعل الشمال أفضل دون أن يكون هذا رشوة للجنوب، بقدر ما هو الثقة في رجلين من إقليم خارج مركز صراع الشماليين في ما بينهما ومتخففين (هادي وياسين) من رواسب هذه الصراعات ومن انعدام ثقتنا ببعض كشماليين, وبالتالي يحظيان بحالة من الثقة والإجماع رغم وجود من يتربص بهما هنا في صنعاء.

يشبه الأمر زمن نزول الشماليين إلى عدن في الستينيات والسبعينيات أيام كانوا يتأبطون وعيهم وينزلون عدن, وليس كما حدث مؤخرا ًبعد حرب صيف 94 حينما نزل الشماليون بجشعهم وغوغائيتهم.

الرجلان في فوهة لحظة تاريخية وعليهما تلقف هذه اللحظة والبناء عليها بدون وجل..

لديهما هذا السأم الجمعي في الشمال من أغلب الرموز والقيادات التي تمثل تاريخ الفشل والاستحواذ والصراع داخل عصبة تتجدد بآلية, وتستخدم ذات الأدوات وتجعل من الشمال دولة فيد وعصبوية وكياناً لممارسة الأخطاء وتلقَّي المساعدات والتعاطي مع الخارج من خلال سوق بيع الولاء.

لا يزال هادي اختباراً شعبياً للكم الذي يستحق من الحب والثقة وهو قد بدأ يحظى بهما كرئيس بينما يتمتع الدكتور بما يشبه الوله الجمعي، وما عليك إلا ترديد اسمه وكأنك تذكر النبي الخضر شخصياً.

لقد تمكن الرجلان من تقويض فكرة أن قوتهما في صنعاء رشوة لجنوب يريد فك الارتباط، قاما بذلك من خلال أدوات من شأنها إنقاذ كل اليمنيين, بينما كانت تجربة باسندوة القصيرة تأكيداً فادحاً لفكرة الرشوة تلك, ولفكرة (وضع جنوبي ضعيف واستمراره)، ذلك أن الرشوة تفشل على كل حال, ويبدو لي أن وعيه الذاتي بكونه مجرد رشوة للجنوب. وتصرفه على هذا الأساس هو ما أفضى به لهذه الحالة التي تناقض حلمنا بأمل جنوبي, وجعلت منه مدعاة للشفقة ورثاء نهايات الرجال.

كانت عدن للأفضل أيام كان الشماليون يحاولون أن يكونوا الأفضل لليمن كله، وحينما اقتحمها الجشع الشمالي تكورت عدن على نفسها وبدأت تصرخ "عدن للعدنيين".

والمهم هنا هو أن تلك القيادات الشمالية في عدن السبعينيات كانت أيضاً تجابه رفضاً وتربصاً عن خاطئي عدن وهم الأقل، بينما كانت حياة الشطرين تتماوج على بعضهما، وتترك للنوايا الجيدة عبور الحدود جيئة وذهاباً. وعلى فضاء بلدنا كله كان هناك ما يشبه سحابة انتظار للرجال الأفضل قبل الضغائن الجماعية وإحساس الجنوب كما هو حاصل الآن بأن الشمال كان مسؤولاً كله عن سلسلة إهانات تاريخية منذ حرب 94 وحتى انفجار الحراك.

لدينا الآن هذا، مأزق ثقة طبيعي للغاية, فأغلب المتفيصحين الشماليين في صنعاء الآن قد تم تجريبهم بطريقة أو بأخرى، وما يبقيهم قيد الفعل وإثارة الجلبة هو ما يستحوذون عليه من قوة.

إنهم باقون بقدرتهم على التهديد, وليس بثقة أحد من هؤلاء الناس الذين لا يدرون كيف يشرحون للجنوبيين أنهم متضررون أيضاً, وأنهم بحاجة إلى مساندتهم وليس إلى نقمتهم.

وها نحن نحصل على فريق المساندة التاريخي في لحظة قد تحدد إحداثيات الشمال بما يخرجه من المنحنى التاريخي البائس الذي يمضي وفقاً لمعدلات ثابتة لها علاقة بمجاميع جهوية مذهبية وحزبية مربوطة إلى رسن أو إلى وتد المحاصصة في أجواء من التخلف السياسي والإشراف السعودي.

جنوبيان اثنان يجدر بهما التقاط اللحظة وجعل الشمال أقدر على استعادة عافيته وأقدر حتى على إقامة علاقة سوية بالجنوب الذي يعول هو الآخر على وجودهما في صنعاء لينقذاه من انفعاله القسري العنيف.

أثناء هذا كله يجدر بهما تشديد الحراسة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق