محمود ياسين
في جلسة قات جمعتني بالقاضي الحجري بمنزل الأستاذ نصر طه مصطفى قبل اسبوعين كنا خمسة صحفيين نناقش القاضي حول خطورة انفلات الأمن في إب وحددنا بعض الأسماء كنماذج لقلق المحافة ومن بينها علي صالح قعشة.
لا يريد المحافظ الحجري التصرف خارج القانون
مكتفياً بمعرفته الشخصية بأسماء من يرهبون المدينة.
ويقول إنه لا يريد أن يتحول لإمام غير انه
بدا متفهماً للغاية وأظنه قدم المساندة المهمة لمدير الأمن العطاب في الذي يقوم به
هذا الرائع مؤخراً في إب.
لطالما انتظر سكان المدينة حصولهم على مدير
أمن مثل هذا.. رجل قادر على لجم نزق البنادق ووضع حد للنخيط، النخيط الذي أفسد علاقة
المحافظة بفكرة الدولة المفترض بها حمايتهم. فتقوم الدولة غالباً بتعيين مدير أمن تربطه
بأغلب النخاطين صلة دم، ولا يدري الناس بمن يلوذون، بينما تحتاج إب لعطاب من سكان المدينة
يشعر بمخاوفها ويعمل أبناء عمه في محلات الذهب والملابس والوظيفة العامة.
لقد كرست الدولة على مدى عقود ضغينة النقائل
بينما تقطن المحافظة نسبة كبيرة من الوافدين من محافظات الشمال وأغلبهم ذابوا في النسيج
الاجتماعي وأصبحوا جزءاً من مواطنين عاديين وان احتفظ بعضهم بالقاف المفخمة الأقرب
للجيم.
ليس لإب أولوية تتعدى حاجتها للاحترام،
ووضع حد لنخيط مجاميع قليلة وضعت المدينة في حالة من الرهاب على عاتق غباء دولة تتخذ
كل التدابير التي تعزز هذه الضغينة، وتضرب الناس في إب في تقديرهم لرجولتهم، وكأنها
مدينة لا تصلح للعيش إلا بتقمص شخصية الظالم وتقليده في التجول برفقة السلاح والحياة
على حسابه.
إب أنيقة تريد الحياة على النكتة اللاذعة
وطيب المعشر، وليس لديها أي تطلعات نخبوية كالتي لدى تعز، يدين أهلها الظلم على من
وقع ولا يبحثون عن رموز ولا يكترثون كثيراً لمستوى تمثيل محافظتهم في الحكومة.
شارع العدين والمركزي والموترات تحمل الناس
إلى السوق الأعلى، وتدور النُّكات والرغبة في الحياة الآمنة بين سوق القات ومقيل الشيخ
عبدالعزيز الحبيشي الذي يسرد النكات على النقائل، ويصاحبهم بصدق ويقربهم من مجلسه على
أن الأمر لا يتجاوز المزحة. ولفت انتباههم كنقائل عقال عليهم كبح جماح بعض المحسوبين
عليهم، غير أنها تتحول إلى مزحة مأساوية تهين المدينة كل صباح، تمرق الطلقات فوق رؤوسهم
عندما يمرون بالظهار تحديداً، ولو مرت الثورة هكذا بدون عطاب يرد اعتبار المدينة وأمنها
فسيبقى النخاطون يتبولون على رأس المدينة ويجعلون كلمة (دولة) شيئاً يستحق الرثاء والازدراء.
على مدى عقود والأجهزة الأمنية- الاستخبارات
تحديداً- لا تفعل شيئاً تجاه وضعية إب المختلفة عن بقية اليمن باعتبارها المختبر المركزي
للنخيط الذي ينتج أكثر أشكال الضغينة المناطقية تداولاً في ذهن اليمن حتى بعد حرب صيف
94م.
ذلك أن النخيط ونهب الأراضي في الجنوب أخذا
شكل اعتداء المحتل، وكان الرد عليه من البداية شكلاً من مقاومة احتلال ولو جزئياً وعند
البعض.
أما في إب فالمسألة إهانة تاريخية مزمنة،
واختبار يومي لفكرة الرجولة في منطقة تماس بين حدين فاصلين لشكلين متناقضين من طباع
اليمن التاريخي.
أنا هنا لست في بيان إبي ضد النقائل، غير
أن النخاطين وغباء الدولة هما من يحاول جرنا جميعاً لهذا المستنقع المقزز. يبقى إب
هكذا مجرد ضغينة عمياء لا تعود تميزاً بين من ينهب الأراضي وزيد مطيع دماج. على أن
أمن الناس مسؤولية دولة تلاحق جبران باشا بنفس القوة التي تجابه بها علي صالح قعشة.
وددت لو أرفع قبعتي للعطاب، غير أنني توقفت
عن ارتداء أي قبعة منذ تلاعب فتيان الجادة بكوفيتي عندما وصلت من القرية إلى السينما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق