محمود ياسين
لا تحتاج وجدانا ثوريا صافيا لتتبين هذا الوضع المتداخل اللا ثوري تماما والذي لا يمكن اعتباره إلا حالة خروج أو هو محاولة خروج من احتقانات ثورة لم تكتمل .
أظن اللا اكتمال للحالة الحالمة التغييرية
الثورية والعصرية وكل ما تريد تسميته لتوقفنا في المخنق، سيبقى يلقي بظلاله على أحداث
صنعاء ومصير اليمن للعقود القادمة.
الثورة عردت وهذا الذي يحدث كله مجرد تفاصيل.
لذلك لا تعتقد أنك فقدت قدرتك الاستقرائية
وأن ذهنك مشوش, ولا يساعدك على فرز القوى وتفسير الصراعات المعلنة أو التي لا تزال
مضمرة، لا لست مشوشاً, والحدث الأساسي هو الذي تشوش لدرجة تداخل الوجوه والأجهزة لدرجة
أنه "وهذا مثال على التشوش" لدرجة أنه بينما كان الشباب وهم لا يزالون في
الخيم يتبادلون تهمة الأمن القومي أو يلقون بها على من يريدون التخلص منه، كان رموز
الثورة الحزبيون يتباحثون في مقر الجهاز مع قيادته مسألة الاستراتيجية الأمنيه، والبارحة
اتصل أحدهم من رقم ثابت ليقول لي :معك الأمن القومي، إزدرب جلدي بالطبع وغمغمت
"ما الذي يريده الأمن القومي؟وبينما كان الموظف القومي يدعوني لمؤتمر صحفي يعقده
مدير الجهاز أو رئيسه، وتساءلت مرة ثانية" منو رئيس الجهاز؟ "ولم أفكر ساعتها
وأنا أخبر المتصل بقبول دعوته الأمنية، لم أفكر بغرابة أن يعقد رئيس جهاز استخبارات
مؤتمراً صحفياً، فذلك يحدث عادة في بلدان الحروب الأهلية وتبعثر صلاحيات الرجال الذين
لا يعود من المهم تمييزهم ما بين رجال دولة ورجال حرب ورجال عصابات، لا ندري كيف حدث
الانتقال لوظيفة أجهزة الدولة، ولا يمكن الاكتفاء بفكرة الانتقال السلس، ذلك أن الجهاز
هذا مثلاً لم يصبح ثورياً، وربما يكون هذا الفضيلة الوحيدة لعدم اكتمال الثورة وعدم
حصولها على جهاز لأمن الثورة كان سيرتكب الفظائع.
لقد اكتشفنا كل فظائع ما بعد الثورة المحتملة
ليس عندما بدأنا نهتف "إرحل"، ولكن عندما توقفنا في المنتصف وكأننا باكتشاف
تلك الفظائع المحتملة من محاكمات وتطهير ثوري وقمع باسم الثورة، كنا فقط نعزي أنفسنا
باحتقان الوقوف في المنتصف، مثل رجل ابتلع حبة فياجرا وألحقها بملح انجليزي حتى لا
يرتفع ضغطه وبقي بعدها يحدق في السقف محاولاً اكتشاف مزايا النجاة من الضغط .
يمكنك أن تتأكد من التشوش العام لتتصالح
مع تشوشك الشخصي من التفكير بأن الرئيس الذي يسانده قطاع من الثوريين كان نائباً للرئيس
المثار عليه ولا يزال أميناً عاماً للحزب الذي كان حاكماً, بينما كان خصومه قد عطفوا
الثورة وادعوا تمثيلها، لكن المعضلة الآن والصراع القائم ليس على تمثيل الثورة ولكن
على نسبة النفوذ والسيطرة من جسد الدولة الأم الذي يمثله هادي .
عندما تترك مثلاً لدولة كالمملكة العربية
السعودية أن تحدد المحصلة النهائية لثورتك وتذهب للتوقيع في الرياض على هذا الأساس
فذلك يعني أنك ستعود إلى صنعاء, وتبدأ في جني الحوافز ليس تحت مظلة الثورة ولكن تحت
مظلة التسوية وهذا ما يتمتع به هادي الذي أضيف اليه قوة الانتخابات .
ما يهم الآن هو أن لدينا حالة احتقان كبيرة
ممثلة في رفض قائد الفرقة السابق التخلي عن فرقته وإصرار الرئيس على الوصول بالهيكلة
للنهاية. والذي سيأتي لاحقاً هو احتقانات متعاقبة هي تفاصيل ونتائج للاحتقان الاساسي
والكبير، عندما توقفت الثورة في قبضة مبادرة مرتجلة هدفها إيقاف العد التنازلي حتى
لا تنفجر اليمن بوجه الجميع. أما اكتمال الثورة ذاتها فيبقى هو الآخر مجرد احتمال كان
ممكن الحدوث مثله مثل الانفجار، ولقد علقنا هنا في وضعية عصية على التحكم والإدراك،
لذلك يا سيدي لن تدرك الكثير من تجاذبات الأيام القادمة ولن تتمكن من الثقة بأي طرف.
لكن عليك الثقة بذهنك فهو ليس مشوشاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق