السبت، ديسمبر 28، 2013

انتصر قلب هدى


محمود ياسين

قد تكون هذه التظاهرة الوحيدة التي ترتب عليها انتصار كامل للقيمة الجمالية في حياتنا. لم ننتصر على السعودية، لكن الحب انتصر في صنعاء هذه المرة على مقولات كثيرة. العاشق ضالعي ولقد ترك الضالعيون هتافاتهم بشأن فك الارتباط ولو مؤقتاً وهتف اليمنيون من مأرب والضالع وأبين وإب وتعز ضد مظلمة واحدة، وحصلت هدى على العالمية الآن، إذ تناقل العالم حكايتها اليومين الماضيين في أهم القنوات ووكالات الأنباء بوصفها جولييت.

أما روميو فلا أدري لماذا أظنه بحاجة لإرشاد ولو بدرجة تمكنه من الحضور الكلي إذ تجنح الخيارات كلها لتوضع أمام هدى لتحدد مهربها النهائي أو ملاذ قلبها الأخير في دولة أوروبية كما يتداول الكثيرون هذا الخيار. وكان رأيي أن تغرس هذه الشجيرة التاريخية في اليمن لتبقى فكرة اخضرار العاطفة في محيط القسوة والارتجال والذكورية في الجزيرة العربية.

لماذا ينبغي لهدى في الـ3 أشهر التي منحها القاضي أن تفكر في ملاذ آخر ينبغي له أن يكون غربياً تماماً.. ولقد خيب القضاء اليمني ظننا السيئ المتشائم.

نحتاج لبقاء الحكاية بيننا وأن تروى لأحفادها أو لأحفادهما هي وعرفات حكاية الحب الذي كان، والملاحقة التي كانت.. ثم أن الحب انتصر هذه المرة في صنعاء، لماذا يبحث عن الأمان في باريس أو أوتاوا؟.

أفكر الآن بفتيات المملكة وهُنَّ يتابعن حكاية انتصار القلب المغرم الذي كان يحتاج لانقلاب اجتماعي يجتاح جزيرة العرب ليحظى بهذا الانتصار الذي حدث هكذا في المساحة الصغيرة التي بقيت لنا هنا في اليمن من الربيع العربي الذي بقي منه طقس الخروج أكثر من أي شيء آخر.

فتيات المملكة يدركن الآن أن هناك طريقة للنجاة، وقد نجت إحداهن تماماً وأصبح العالم الآن مفتوحاً أمامها على كل المضمر السياسي الغربي تجاه بلاد النفط والكبت وقد يحاول البعض تمزج انتصاره بطريقته، لكن الأمر من أوله إلى آخره حكاية جديدة فاتنة لا تخلو من الحماسة العاطفية، والتحريض على اقتفاء طريق القلب أياً تكن قسوة الطريق.

ردات الفعل في الفيسبوك السعودي تبدو لي وللكثيرين حذرة للغاية ومتواطئة بصمت مع ثورة هدى التي لم تكن تخطط لثورة اجتماعية أصلاً ولا أظنها الآن تحتمل دوراً كهذا ولا أنصح أن يدفعها أحد في هذا الطريق، فالحكاية بكل الذي في التفاصيل إلى الآن ستعمل على إعطاء أمل للإفلات من خلال المساحة المتاحة الآن.

اعتبر بعض السعوديين الحدث شكلاً من نكران يمني للجميل السعودي، وقال بعض من استضافتهم القنوات إن هذا انتقام يمني من المملكة على خروج المغتربين أو إخراجهم.

لم تكن السياسة بمعزل عن تفاعلات هروب هدى إلى قلب عرفات وبلاده، لكنها تبقى أمراً جانبياً قد يلفت انتباهنا مثلاً لحاجة اليمنيين لقضايا إنسانية تجعلهم يهتفون معاً وينتصرون معاً حتى لا يبقى أمر انتصار أحدهم مرهوناً بهزيمة الآخر.


لكن أصل الحكاية وروعتها تبقى أبسط من تعقيدات السياسة.. حكاية الإنسان وهو يجد ملاذه في الحب.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق