الخميس، يناير 24، 2013

صوت توكل


محمود ياسين

لطالما تملقوا مبالغات توكل كرمان وعندما بدأت اعتماد الصواب كما هو البوست الأخير الذي نشرته في صفحتها البارحة عن وجوب التخلي الطوعي من علي محسن عن وضعيته ووجوده العسكريين قاموا بمهاجمتها ولا أدري ما إن كانوا قد خونوها ولمزوا ثوريتها.

وبمعزل عن نوبل وفقدان الرؤية بسبب ضوء نوبل الساطع الذي شوش مجال نظرتها كأي إنسان فهي ومن وجهة نظر متخلية عن أي موقف مسبق يمكن اعتبارها عملياً أكثر الناس قدرة على لفت انتباه شعبنا والحصول على إصغائه لصوت شباب الثورة، وكونها قد فارقت هذه الفكرة ربما من وجهة نظرنا نحن الذين وضعنا سقفاً عالياً لدور جيلنا لم تتمكن توكل من ملئه تماماً إلا أنها ورغم كل شيء أول من نظم (الشعب يريد إسقاط النظام) و (ارحل) إلى آخر المنظومة في بداياتها الشعاراتية وكان بوسعها لو توخت الحذر أن تكون الأيقونة الكاملة لثورة مستقلة.

أنا واحد من الذين جابهوا أخطاء توكل وكان دافعي هو الخشية من هدر المقعد الذي منحته الحياة أو العالم الغربي لجيلنا أو لفرصتنا وجلست عليه توكل، غير أنها ارتبكت مكرسة طاقتها لحضورها أكثر من حضور الثورة الشبابية المستقلة في ترتيب زمن ما بعد صالح.. ولقد تجاهلت توكل زمن الكفاح لأجل مظلومي الجعاشن تلك الأيام التي كانت فيها توكل أشبه بالمثال النسوي المكافح الذي كانت تحلم توكل أن تكون عليه والذي أصبح لاحقاً شغلها الشاغل..

هذا الحديث كله لا يعني شيئاً مغايراً لما كتبته ولا توضيحاً لموقف سابق بقدر ما هو أمل راودني مجدداً في طاقة توكل التي لا تزال باعثة على أمل تمثيل ولو القليل والحد الأدنى من صوت شباب الثورة الذي يمكن أن يحتج الآن تجاه ما يحدث باعتباره مناقضاً للثورة حتى بتصوراتها الحماسية.

أي صحفي الآن يمكنه الحصول على تواطؤ ذهني حول مفارقة خيارات المجموعة القديمة وقد تتمكن مجموعة من الشباب المستقلين إذا ما حشدوا طاقة مضاعفة للبقاء على ماء وجه الفكرة الشبابية في حدودها الدنيا، غير أن توكل وحدها من يملك الرمزية الكافية ليس لإعادة الثورة إلى هويتها التي كنا نحلم أن تكون عليها، لكن توكل هي الأقدر على تكوين حالة مناوئة لهذا الاحتيال القائم ليس من خلال مشروع تحديثي متكامل فهو ليس في ذهن توكل، لكن لقول رأينا وبقوة في هذه التسوية ومن داخلها. من داخل الترتيبات هذه يمكن لتوكل مساندة الصواب وقيادة يقظة جزئية باسم شباب الثورة ذلك دورها وحقها كما هو حق خالد الآنسي. وها أنا أعول عليهما مجدداً مبتلعاً أساي العظيم لأجل ما أهدراه أثناء تحديد المصير والوجهة الأساسية للثورة.

هذا التعويل لا يشبه حالة الرجل الذي يئس من إمكانية قيام ابن اخته "المدلوز" بأي صواب وحين قفز الفتى بالسيارة الهايلوكس على مطب هائل قذف بخاله من صندوق السيارة ليقع على وجهه في الاسفلت ليتوقف الفتى بعد مئة متر وأومضت لمبة "الريوس" في مؤخرة السيارة عائداً لالتقاط خاله أشار الخال اليائس من وضعيته المطروحة على الاسفلت أشار بيده " روح خلص روح لا ترجع لي" هذا المثل ذكرني به نبيل الصوفي في نقاش أتحدث فيه عما الذي بوسع توكل فعله أو ما يزال بوسعها فعله .

لا أقول إنه لم يعد لدينا سواها: أو أن شخصاً جديداً قد يتخلق في ذهن خالد الآنسي.. ذلك أن صوتنا لا يزال بطريقة معقولة يصل إلى مجال الخطأ ويقتحم طبلة أذنه.

لكن لو كانت توكل هي من يردد:" هذه ليست الثورة ولم يخرج الناس لهذا ولم يستشهد الفتيان لترتيب أو لإعادة ترتيب وضع العائلة التاريخية" سيكون لصوتها الأثر الأهم الآن. هذا على أساس من أن توكل قد أدركت بطريقة ما أنه ليس عليها استعادة الثورة فهذه مهمة جيل لاحق ولحظة زمنية قد تتأخر لكن على الأقل يمكن لتوكل استعادة صوتها لتمثيل ما تبقى من صوت شباب الثورة في عملية المحاصصة التي يطلقون عليها تسوية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق