السبت، مارس 01، 2014

عندما يتحول المظلوم إلى قاتل


محمود ياسين

كيف تقنع الضالع أن الجندي لديه عائلة هو الآخر، وأن ما يقومون به جريمة؟

من يملك الحق الأخلاقي في منح المظلوم تصريحاً بالقتل؟

لا تحشرني في الزاوية، وتجبرني على التواطؤ مع قتل الجنود مقابل الضحايا المدنيين. نحن وبالقدر الذي ندين فيه قتل المدنيين، نسمي فعلكم هذا جريمة.

جريمة اختيار شكل الكفاح المسلح ضد جيش لا يزال جيش اليمن، ولا يمكن القبول بهذه الحركة الاستباقية التي تقطع على النضال الجنوبي طريق العمل السلمي لانتزاع الحقوق، الأمر هنا ليس في تحديد من يبدأ، ولكنه في تجريم القتل، وفي مقاومة هذا المطلب الضالعي بمباركة انتهاج العنف ومهاجمة الثكنات والعربات، وكأن اللواء العسكري في الضالع تابع للجيش البريطاني أيام الاحتلال.

جريمة الجندي أنه وقع في طريق الخيار الضالعي العنيف، الذي يريد جر الحراك الجنوبي كله لمنهجه، وفي زمن أمسى فيه الجندي الهدف السهل والمكشوف لكل التكوينات.

نعرف أنه لم يقم صالح ولا هادي بشيء يذكر تجاه حاجة الضالع للعدالة والأمن.

نعرف أن الضالع تئن وتغلي ضمن غليان الجنوب.

الضالع مهملة، وربما، ونحن نرثي الجنود، لا نعرف أن تجاوزات قام بها جنود اللواء بحق أبناء الضالع، لكننا نعترف.

قد يكون ضبعان سيئا، وقد يكون علينا تعزية أمهات الضحايا المدنيين، والبحث عن مسؤول يستحق العقاب.

قد يكون هناك حق مبدئي عالمي إنساني حقوقي يمنح أية منطقة الحق في السعي للانفصال، واليقيني أن كل الأعراف تمنح المظلوم حق الصراخ والاحتجاج، لكنها لا تمنحه حق القتل.

للجنود أمهات وأطفال، ووظيفة رسمية، وحرمة حياة، ولنا ضمير وكلمة ساندناكم بها عندما رفعتم أصواتكم طلباً للعدالة، لكننا نفارقكم وقد رفعتم السلاح.

المعلومات متداولة، وأمسينا نعرف أن المجموعات المسلحة تبدأ مهاجمة العربات والثكنات، وتذبح الجنود، وتسمي بعضهم أسرى. ونعرف من البيانات أن الضالع ممثلة بتكوينات مسلحة، اختارت العنف، وتريد من ضمير اليمن مباركة هذا العنف. وحتى مع فكرة البادئ، نبقى ندين ما يترتب على الرد العسكري من جرائم سقوط ضحايا عزل. لكن البلد أمسى تحت رحمة التجريب لكل أشكال مقومة وجود دولة أو وحدة أو جيش. ولقد انكشف الجنود أمام موجة استباحة تطالهم بذريعة الميري، والانتماء لمؤسسة رسمية بلا قائد. وإذا ما قبلنا بهذا الشكل من البحث عن العدالة، فيجدر بنا القبول بحمل كل يمني لسلاحه في وجه ما تبقى من تمثيل متضعضع لفكرة الدولة، وتحديداً الجيش.

يعاني مواطن إب ما يعانيه الضالعي، ولكن الأخير ممثل بتكوين مسلح يسعى للانفصال على عاتق المظلومية.


هذا بلدنا، ولقد علقنا في معضلته الاجتماعية، واختلال ميزانه الجغرافي، لكننا لن نتخلى عنه للعصابات.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق