الخميس، مارس 19، 2015

جيشنا


محمود ياسين


(صحيفة الأولى 3 مايو 2014)

كان الحرس الجمهوري زهرة الجيش اليمني. وكان حظي بالرعاية والإنفاق الجيد، بوصفه القوة الضاربة التي انتخبت من جسد القوات المسلحة اليمنية، باعتبارها قوة مفارقة لقوى الدولة المتشعبة. وكان الحرس هو الحرس الحديدي لمشروع عائلي مفارق.

ما ضرهم لو اكتفوا بتبديل القائد، وإبقاء القوة الضاربة، وقد تبدل ولاؤها، وانتقل من حماية مشروع نخبوي داخل النظام السابق، إلى ولاء وطني بقيادة وطنية غير متورطة مع أي طرف؟!

لكن القائد الأعلى الجديد والإصلاح وعلي محسن، وبمباركة بقية القوى، راحوا يفككون زهرة الجيش اليمني، تحت حمى هاجس حرب الاسترداد.

يبرر بعض المتحمسين لتلك العملية الفادحة، بأن قادة فصائل الحرس أو بعضهم ظل يحمل على صدر بدلته العسكرية صورة أحمد علي، دون أن يدرك أي من حاملي المفكات أن مشاعر العرفان تبقى بعد رحيل القائد، لكن الولاء إن لم يجد طريقا للانتقال إلى حضن الوطن، فإنه سيتفكك هو الآخر مع تفكك الكتلة العسكرية تلك، ويضمحل هذا الولاء أثناء محاولة المفككين اقتسامه، أو تحويل موارد تلك القوة لوحدات أخرى مضمونة الولاء الشخصي أو لمجموعة، أما الولاء الوطني فقد قايضه الجميع في سوق الزمن الجديد.

الآن، لدينا بلد هو بيتنا الذي يتصدع، وعلينا ردم تصدعاته بما تبقى لدينا من رجال شرفاء في نواة الجيش المهلهل.

كنا وصلنا لمرحلة حماية الجيش. وكانت مرحلة مقلوبة المهام، إذ أمسى علينا البحث عن جيش يحمي الجيش.

كان الميري تحول في الذهن الجمعي، من صورة الحارس، إلى صورة الضحية.. ومن الظهر الحامي إلى المطارد الذي يستحق الشفقة الشعبية.

الآن، يخوض جيشنا معركة استرداد كرامة الكاكي ومهابته، وهو يقوم بمهمته الأساسية بوصفه حارسا لاستقرار وسيادة البلد.

لقد تخثرت مؤخرا تلك الصورة الرومانسية لفكرة القائد، وكنا مررنا بتجربة إنكار ثقافي مدني لحضور البيادة ووطأتها على الحياة، ولم نكن نتوخى الحذر لندرك الفارق بين بيادة القمع وبين الجيش الوطني.

كنا نقرأ باستلهام منتشٍ، حكايا أباطرة المحاربين، في مرويات الشرف العسكري الياباني تحديدا، أو أنه الأكثر قدرة على انتزاع التقدير الرومانسي لنهاية الرجال الشجعان، وأصابعهم على الزناد، حيث القائد الذي يحمي الجند أثناء حماية الفيلق لرمزية الوطن، لكننا خسرنا تلك المآثر أثناء تعاون الجميع بعد الثورة، على تبديد كتلة ورمزية جيشنا.. الإصلاح والرئيس والقادة أنفسهم الذين ليس من بينهم واحد قرأ واستلهم مرويات القادة العظام.

لكن الآن، جيشنا يجابه القاعدة، ويستعيد شيئا من الذي فقدناه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق