الخميس، مارس 19، 2015

هجاء الجماعات بطريقة أنيقة


محمود ياسين

بتاريخ 26 نوفمبر 2014
تخبرهم أنك متعافٍ، وأن الأحقاد السلالية والترهات حول السيد والقبيلي والرعوي انتهت حقاً من الذهن اليمني، لكن تجد الهاشميين هم الحوثيين.

القائد الروحي والقائد الميداني ومسؤول التنظيم ورئيس او ممثل الحركة في المحافظة والصحفي والناشط والناشطة التي كانت تدافع عن الطفلة المغتصبة وانخرطت مؤخراً في حركة اغتصاب الحياة اليمنية، والأستاذ الجامعي وجاري الذي لا يزال الى الآن يوقف السيارة ويترجل ليصافحني بكل تهذيب ويطلب اليّ ان أخفف لهجتي ضد الحوثيين قليلاً.

كان لدي أصدقاء ولا زلتُ أبادلهم الذكريات بيني وبين نفسي، غير أن احتقاناً حدث رغم نوايانا جميعاً. كم انها مهمة عسيرة هذه التي عليك فيها الفصل بين سلاح يتهددك ولقب مرتبط مباشرة الآن بهذا السلاح، بين اصبع تضغط عليه ودماغ يدافع عن مشروعية هذا السلاح، وكلما تورط أحدنا في سلالية بغيضة استدعى هاشمييه الرائعين من الدكتور المتوكل الى محمد زبارة الى اليفرسي الرائع والعماد الحبوب نزيه الذي يجعل من الحوثية وأنت معه وكأنها صفاط ثقيل.

لا يجدر ببلادنا الوصول لمرحلة "نحن وهم". نحن جميعاً يمنيون انجرف بعضنا خلف وهم.
***
كنا كتاباً شغوفين تحولنا للكتابة السياسية، وهي بمرور الوقت تجعل أحدنا رسمياً وتدمغ الكلمات ببعض التحاذق.

عندما يكون عليك السنوات القادمة العمل في تشريح الجماعات وهجائها يجعلك ذلك تفكر في مذاق دواء السعال. كتبنا أيام صحيفة "الثقافية" نصوصاً وتنويعات وسرديات وجودية وقمنا بهجاء الذات والآخر ولقد كنا مدهشين حقاً.

الآن عليك تفسير كيف أعادت الهضبة المركزية "ضبط المصنع" وفقاً لمحمد عايش، وكيف يجدر بنا عدم المفاضلة بين شكلين للإرهاب المنظم.

تستجيب الكلمات لرؤيتك الإيقاعية للوجود، الوجود بوصفه مأزقاً يبحث عن تفسير، وتكون الكتابة مرحة حتى وهي تغالط الحزن. لكن أن يكون عليك الكتابة عن الحوثي يمسي الأمر مهمة مهذبة لمجادلة عربة ديناميت عليها لاصق هاشمي، وأنت بحاجة لنبذ العربة دون التورط في ضغينة مع اللاصق.

كتبت استطلاعات مصورة للمدن اليمنية في مجلة "نوافذ" ورثيت الأيام الأخيرة لأدب العبث واللامعقول ورويت حكايات كثيرة عن عاثري الحظ على إيقاع تنويعات كتابية تتحدث لكنة الفن والتحديث، والآن أنت والجماعات وجهاً لوجه.

تود لو تكون أنيقاً أثناء تقديم أنواع للمجاهدين للقارئ اليمني وكأنك مجبر على التأنق أثناء تقديم الرثاثة. هجاء الجماعات يورث عسر الهضم، لكننا بحاجة لنبذها ولو كان علينا البحث عن طريقة لتحويل هذا النبذ لفن مبتكر جذاب متهكم. سنجد طريقة ما.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق