الثلاثاء، أغسطس 10، 2010

الأرض.. اللعنة

محمود ياسين
sayfye@gmail.com

أغلب ما نسمعه من أسباب وجيهة لانهيار فكرة الدولة القائمة يعود لنهب الأرض. رموز النظام السياسي القائم تورطوا في هذه اللعنة أو هم استجلبوها علينا، وتفرغوا بعدها للدفاع عن بقاء لعنة.

نهب الأرضية هذه طريقة مهينة، وهي اختبار قاس يخضع له عادة أناس من مناطق متهمة بالضعف.

يتجول أكبر وارث من الحديدة، وفي ذهنه تهديدات وجوه قبلية ببزات عسكرية تحدق في أرضياته أو أراضيه وعرصاته. يعتبرها المثقف دلالة استقواء هي أكثر الدلالات جلاءً، فهو لم يرَ ناهب الخزينة العامة يحمل النقود بشوالة ويغادر بوابة الخزينة بعين حمراء.

غير أنه يلحظ احمرار عين الرجل المستقوي نفسه وهو يجلب الشويلات لتسوية أرض فرغ للتو من نهبها، يرى المثقف على الدوام قبلياً يسوي أرضيته.

يدور تقرير هلال وباصرة حول أسوار أراض منهوبة، تفصح عن وجاهة استياء جنوب تم التعامل معه وكأنه مجرد عرصة.

عرصة رجل بلا حماية ولا قبيلة. رجل لديه عرصة وليس لديه دولة، ناهيك عن التماهي بين ناهب عرصته وبين شخصية الدولة. فيجول في الذهن ما مفاده أن الدولة ليست تعريفاً في كتب التاريخ، ولا نصاً دستورياً بقدر ما هي ذلك المصطلح التاريخي الذي أطلقته صنعاء على امتلاك القدرة الكلية في الاستحواذ..

في إب تفاقمت الكراهية والمناطقية على حدود العرصات والكلاشنكوف، وهذا النوع من الشريعة القضائية المخيبة لأي أمل، وكأن القضاء المفترض به دولة من نوع ما، إنما هو وضع الأرض وفكرة الحق موضع تنازع وساحة لجعلك تقابل غرماءك المسلحين كل يوم على باب المحكمة.

يفكر صاحب إب في القاضي وفي الأرضية وفي ناهبيها على أنهم جميعاً أشياء من "مطلع".
الأرضية ليست أرضية في اليمن إلا باعتبارها تهديداً، وإعلاناً نهائياً قاطعاً لأحقاد وضغائن الجغرافيا السكانية.

ويقول الرئيس أن نهب الأراضي في الجنوب هو أصلاً نهب لأراضي الدولة. دون أن يتنبه لفكرة أن الأرض التي يمر بها المثقف بين عدن منذ كان في الابتدائية، هي أرض تعود لواحد تاجر اسمه عدني أو حضرمي. أو أنها في الأغلب ومنذ كان هذا المثقف طفلاً أرض تم تأميمها لصالح الدولة. فيفاجأ مؤخراً بأن هذه الأرض قد نهبها رجل الدولة.. ويبدأ فارق ردات الفعل بين زمنيين وفكرتين متباينتين تماماً عن الدولة.. أو أن هذه المساحة التي كانت تعود لمشروع مقترح حالم لتشييد مبنى مكتبة وطنية قد تم تسويرها لصالح شيخ. شيخ هو مرتبط أصلاً بذلك النوع من الألقاب التي احتشدت وسحقت العند.

وتسمع هذا النوع من الأرقام الغربية عن رجل يملك ما يقارب مساحة دولة صغيرة، وعن رجل ليس قوياً بدرجة ولو قريبة من الرجل الذي يمتلك مساحة دولة صغيرة في عدن، لكنه يمتلك مساحة هائلة في الحديدة. إذ تلعب الحديدة دور المكان الملائم للنهب الأقل كلفة، ولو من حيث السمعة الوطنية المنغصة على الأقل. قال أحدهم إنه قام بتصفير عداد سيارته وبدأ يدور بالسيارة حول أراضي رجل (ليس قوياً تماماً) وبلغ العداد عند نهاية آخر علامة لحدود تلك الأراضي، ثمانين كيلو متر. وآخر زج برجل من الحديدة في سجن خاص (اختطفه) واستولى على أرضيته قرب المطار، ولم يحدث شيء في هذا العالم، ذلك أن صاحب الحديدة بلا حراك.

المصدر أونلاين
2010-08-01

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق