الأربعاء، نوفمبر 03، 2010

الحياة بلا شخصية

محمود ياسين


أستطيع التأكيد الآن أننا لم نقم بشيء. يحاول اليمني النجاة فحسب، وإذا ما كان هناك مقياس للجهد الإنساني تجاه الزمن ربما نحصل على نتائج غريبة في أرقام جهد اليمني للاحتيال على الصباح ومحاولة الفكاك من أشراك الظهيرة..

دراسات المراكز البحثية تشتغل على قياس الرأي العام الانتخابي غالباً، وما من محاولة لدراسة تفضيلات اليمني وخياراته في نمط حياتي لا يكترث له أحد. نوع من اللامبالاة الجماعية تجاه ما هو أساسي أصلاً.

كم ساعة ينامها إنسان اليمن وتعريفه للبهجة وعلاقته بمفهوم «العطلة».. من يدري ما إن كان للرجال تفضيلات لونية خاصة المساء...

حصلت كلمة «عري» في دراسة قرأت عنها في مجلة الثقافة العالمية –حصلت على أعلى نسبة رد فعل بين رجال من فئات عمرية مختلفة ووظائف ومداخيل مختلفة أيضاً، ولكن بنسب متفاوتة وتبعاً للمداخيل وساعات العمل، فيما لم يكن للعمر دور أساسي في تحديد ردة الفعل تجاه العري.

نحن بلا ساعة بيلوجية، وقليل من الناس من يدرك علاقة ملابسه بخياراته ومدى فاعليته.

البدلة تكاد تستحق فيلماً سينمائياً يحصل على جوائز عالمية وتدور أحداثه في جنوب روما الخمس سنين الأولى من النصف الثاني للقرن الماضي.

كهول لويزيانا يتواطؤون على البحث عن جذور الحياة الأولى في عطور الهند أو ما تبقى من رائحة الهند الأصلية.

ضابط روسي يبيع دبابة مقابل وجبة كافيار (والمغاير في هذه الحكاية) أن الضابط يدرك هول معاقبته والثمن الفادح لوجبة عشاء يريدها بشدة. الكهول تحديداً لا يستسلمون، وإذا لم يذهبوا إلى الهند يعكف أحدهم على تشييد فلسفته الخاصة متأملاً استخلاصاته للكون والحياة مقابل التأكد من حصوله على معنى للنهاية.

لستُ هنا بصدد مقاربات من نوع –بينما كهولنا لا يصلون الستين إلا وقد فقد أحدهم واحدة أو أكثر من حواسه الخمس- وهذه حقيقة إذ لا يصل الغالبية إلى السبعين بكامل وظائفهم العضوية.

يقولون في العالم أشياء من قبيل إذا أردت معرفة مجتمع فعليك معرفة... ويبدؤون في سرد قائمة أنشطة حياتية متقاربة نوع ما، ولا تخلو عادة من الأطعمة والملابس والموسيقى، ثم تأتي تفضيلاتهم السياسية لاحقاً.. على أن الكيانات السياسية تتنافس على اقتسام تمثيل رغبات الناس وليس اقتسام اللجنة العليا للانتخابات.

وعلى أن هذه الحياة هي في الأصل مجموعة حاجات وأدوات في سبيلها. وعلى أن هوية الإنسان هي مدى العلاقة بين رغباته أو حاجاته والقدرة على الحصول عليها. نوع من العلاقة بين الطاقة والكتلة، وفي المحصلة تنتهي تلك المعادلة إلى محددات لشخصية الكيان السياسي الذي يمثلها أو يدعي تمثيلها.

وحيث يدرك الناس أهمية الاكتفاء ويولون نوعية أحذية أطفالهم أولوية ما، يمكنك المراهنة على سنة التدافع الإنساني. أي أنه وأثناء تخصيص أحدهم جزءاً من وقته وقلقه لمعنويات ابنه في الصف السادس وكيف يجنبه كارثة من نوع مربعات سخيفة في تصميم البنطلون، ذلك يعني أن أمراً (سخيفاً) كهذا من وجهة نظر أب يمني مثلاً، هو ما سيورط أحزاب المشترك في البحث عن جماهير.

ألا تكترث للمربع الذي يلعب فيه ابنك في فريق المدرسة ومدى ملاءمة لباسه الرياضي لمقعد احتياط، أنت على وشك ضغط زمن جلوس ابنك عليه إلى دقائق أقل. ذلك يعني مشاركتك الفاعلة في هذا الرضوخ العام للحياة بلا شخصية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق