الأربعاء، نوفمبر 03، 2010

علاقات شخصية للغاية

محمود ياسين




يرمي الرئيس من خلال دعوته الأخيرة للانعقاد الاستثنائي للجنة الدائمة، لتحقيق 3 مكاسب: تحميلهم مسوؤلية ما سيترتب على هذا اللقاء إزاء مقاطعة المشترك للانتخابات، على أنهم كانوا شركاء في قرار تقديم تنازلات للمشترك أو رفض فكرة التنازلات من الأصل. ويكونون بالتالي ملزمين ميدانياً بالدفاع عن قرارهم ذاك في حالة المقاطعة.

على أنه حتى كتابة هذه المقالة لم يقل أحد إن فكرة التنازلات هذه قد وضعت للنقاش.

سيحصل الرئيس أيضاً من خلال هذا اللقاء المؤتمري على ورقة ضغط جديدة، على أنه أولاً وأخيراً ملزم بقرارات حزبه، وأقل خفة من الالتزامات الشخصية المعتادة، وأنهم (المشترك) إزاء غريم ليس شخصياً البتة.

بالنسبة للهدف الثالث أظنه في إجبار الإصلاح على التفكير جدياً في أمر التحالف التقليدي.. مستفيداً مما يعتقده وجل التجمع من مضي الأمور في طريق التحالفات الجديدة، على أن اعتماد الرئيس بدرجة ما على (لجنة دائمة) هو تحالف جديد ليس بين الرئيس والمؤتمر بقدر ما هو بينه وبين فكرة تحزيب المؤتمر كبديل معقول. والأخيرة ستعلق الإصلاح الذي وإن بدا إلى الآن يعمل بوتيرة من لا يفكر في العودة إلى التحالف الاستراتيجي على المدى المنظور، إلا أنه يخشى حقاً من اطمئنان الرئيس لقرارات اللجنة الدائمة، وتحمل المؤتمر فعلاً مسؤولية ردم الهوة التي أحدثها انضمام الإصلاح للمشترك في طريق الرئيس. على أن الأمر هذه المرة، كما هو معتاد، سيكون من ذلك النوع من اتفاقات غير معلنة تخص مصير ووجود الإصلاح والرئاسة معاً.

وهذه هي طريقة الرئيس في العمل.. إذ إنه يعمل في المخاطر وعلى حافة الهاوية بطريقة أفضل بكثير. إذ لا شيء يربكه مثلما هو معلن ومحدد، ليس بالضرورة أن يكون التزاماً دستورياً، ولكنه التزام ولو حزبي يدخل فيه أكثر من طرف من جانبه. ذلك يصرفه عن التلاعب بمخاوف الآخرين والانهماك في ترقيصهم على الحافة.

المقاطعة تؤرقه للغاية. المجتمع الدولي والمانحون تدفع بعلاقته مع بعض حلفائه التقليديين في الداخل، في طريق اللاعودة، ناهيك عن قلقه الشديد من عدم ركون المشترك بعد المقاطعة إلى الصمت.

إنه يفكر في صعدة وربما يوقظون الجنوب ويستخدمون غضبه. إنه أكيد من معرفتهم الكاملة بمشكلات البلد، ويعرف أيضاً أنه وهم يستخدمون كل ما هو عام، في ما هو شخصي للغاية.

على أن هذا الاحتقان بين نخب السياسة والحزبية في اليمن ليس نتاجاً لما هو عام كالبطالة أو تراجع دور الطبقة المتوسطة الذي أفضى إلى هذا الشلل في إنجاز اتفاق. ومع أن هذا وارد في دراسات الإنثربولوجيا السياسية، بمعنى أنه في الكتب وفي الأسباب المعلنة لغضب المشترك. هكذا يعتقد الرئيس. على أن الطرفين يعتقدان معاً أن ثمة ما هو شخصي للغاية في هذا المأزق. ليس مأزق البلاد التي لم تنجز مشاكلها على هيئة نخب سياسية، بقدر ما هو إنجاز النخب وعياً غريباً يسير بمعزل عن المشكلات.

لا يتطور هذا الوعي وفقاً لتطور حاجة الناس، وبالتالي لا يستطيع استخدام تلك الحاجات، بوعي حزبي، إذ إن صعدة مثلاً ليست حاجة جماهيرية بقدر ما هي مشكلة رئيس. الرئيس الذي يعرف هو الآخر أنه وطريقة حكمة مؤخراً قد تسبب بدرجة ما في وصول الأمور إلى هذه اللعنة التي يسمونها مشترك.

هو يتفوق عليهم في التخفف من الشعور بانفصال وعيهم السياسي عن طريق سير المشكلات.

ولا يجد نفسه مرهقاً بوهن العارف المضطر. إذ إنه يعي تماماً أن مشاكل البلد أبسط من استخدامها في إظهار الثقافة الحزبية. ذلك نوع من تبجح حاقد متعلم وعاجز تربى غالباً في الحجرية.

على أن المؤتمر هو أولاً وأخيراً (طبع مطلع) القوي الذي سيعرف المتفلسفين قدرهم، وأن وجود كل طرف مرهون بمستوى معين لوجود الآخر. قوى متضعضعة أنجزت هذا الواقع الواهن، عبر أنماط خلافاتها والتسويات الضرورية بالكاد.

ولا يتجاوز الأمر في خارطة خيارات الطرفين، أمر الأحقاد والقدرة والعجز.. ومطلع ومنزل أيضاً.. وبالتالي أمر شخصي للغاية، وبمنأى عن ساعات افتراضية يقضيها الساسة أمام خارطة الجغرافيا السكانية لبلد فيه أماكن بعينها وأعضاء قد ظهرت عليها أعراض المرض أكثر من غيرها في بقية الجسد اليمني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق