الأربعاء، نوفمبر 03، 2010

المبيت في الشرق الأوسط

محمود ياسين


النوم في الشرق الأوسط شكل من المجازفة، لا يجدر بالذكي اعتماد التفاؤل في أي علاقة تربطه بالشرق الأوسط، سيباغته آخر الأمر لأسباب يجدها الشرق وجيهة على الدوام.


الشمس تشرق بالتأكيد غير أنها ستشرق على جثتك أو على التماعات أحذية الجند أثناء قيامهم بزيارتك كخائن عليه الاستيقاظ مبكراً..

في الشرق الأوسط لا أحد يحزم أمتعته، ذلك أنه يفقد الكياسة بمجرد المبيت إلى جوار الديكتاتوريات وأمراء الجهاد وشعبان عبدالرحيم... فهم على الدوام ذلك الخطر الشغوف الذي تتورط في النوم إلى جواره دون أن تفكر في فداحة عادة سيئة كالوطنية.. وربما الفضول على غرار ما حدث لنصارى كثيرين لا يلقون بالاً لتقارير أمن العالم ذات الصلة بجغرافيا المخاطر. مبيتك في الشرق الأوسط يعني قبولك المبدئي بالمثابرة على تأكيد براءتك.. لن تعدم تهمة تتجاوزها.. أي أنك ملزم بنفي علاقتك بأشياء كثيرة مثل جاسوس تخلت عنه منظمة غامضة. عليك نفي كراهيتك لصدام وبن لادن وملالي الانشطار النووي. عليك أيضاً نفي إعجابك بإنجلينا جولي. إذ لا يجدر بملتزم شرق أوسطي مثلك التفكير بأعضائه التناسلية.. أنت وطني عفيف لا تنقصه الموضوعية لمغادرة سرير نومه بالملابس الداخلية فلا أضيق من وقت الأمن القومي. الجهاز ليس فارغاً لك، عليه حماية كل شيء، آخرها حمايتك من نفسك، وأنه لمن قلة التهذيب تضييع وقته في ارتداء ملابسك، فأنت أولاً وأخيراً مجرد عمل ينبغي القيام به ثم إنه لا يوجد لديك ما تخفيه، هم يعرفون جيداً ما تحت ملابسك الداخلية..

السائح سيمر إلى جوارك بلا اكتراث، فهو لا يعمل في منظمة حقوقية من نوع ما، ثم إنه سينفجر في مأرب بعد قليل، وعلاقتك به ليست وطيدة على كل حال اللهم إلا في أن الأمن القومي يهتم لأمركما معاً.. وينجح في حماية أحدكما أثناء انشغاله عن الآخر في مسابقة من "يلفت انتباه الجهاز أولاً".

في الشرق الأوسط سيكتب أحدهم مقاربات من هذا القبيل.. رجل بلا حقيبة يحاول النوم أثناء اللامبالاة بالطريقة التي سيفهم بها الجهاز مقارباته التي حرص على تضمينها هموماً وطنية. غير أن الشرق الأوسط على عجلة من أمره دائماً. ولا يجد الوقت الكافي لإزالة سوء فهم لا يكف عن أن ينشأ بين الناس والوطن. فغالباً ما يعول الناس على تحلي مبعوثي الوطن بالقدر الكافي من التعقل، فيما يعتمد الطرف الآخر على عظمة الأهداف أثناء قيامه بما ينبغي القيام به.

سيقتادونك في كل الأحوال – في صنعاء أو الأردن- سيقتادونك في الأقصر وفي الأمكنة التي احتلتها إسرائيل عام 48 وكذلك التي احتلتها في 67.

يتسلل الشرق إلى داخلك فأنت مقتاد أصلاً، إلى الجهاز أو الهواجس وربما إلى معبد الشمس..

هذا ليس آمناً، وجرائد الصباح ستخبرك عن سبب جديد لكراهية إسرائيل، فمن سيكرهها إذا غادرت. عليك البقاء فربما لن تنفجر العبوة الناسفة هذا الصباح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق