الاثنين، يوليو 04، 2011

على الرئيس ان يتحلى باليأس!

محمود ياسين
sayfye@gmail.com
(نشر بتاريخ 4 مايو 2011)

ماء وجه الرئيس مقابل حياة الملايين، من سيتردد ولو لوهلة في اختيار احدهما. ولو اعتمدنا البساطة في المفاضلة بين الاشياء، لتوقف الجميع عن التفكير في انقاذ ما وجه الرئيس.

وهذه ليست مشكلة اليمن، فهو قد وصل الى مرحلة عليه التخلي عن الأمل بالخروج بماء الوجه، فأياً تكن النتيجة (تسوية او إطاحة)، فهو لن يحصل على ما يأمله من خروج مشرف، ليس لأنني او احداً يرفض ان يعطيه هذا الخروج المشرف، ولكنها النتيجة شبه المؤكدة لما حدث ويحدث في اليمن.

ان اكثر ما يؤجل خلاص اليمنيين وسلامهم الاجتماعي، هو هذا الأمل الذي يكرسه رجال الرئيس في وجدانه لاستنزاف ما تبقى من قوته للحصول على ضمانات لمستقبلهم، وليس لتكريم الرئيس في أيامه الأخيرة.

لو تحلى الرئيس باليأس لكان الأمر قد انتهى، وانتهت معاناة الرئيس، ومخاوفه، واحمرار عينيه من السهر والتفكير بـ "تجميد الأرصدة".

وتجميد الأرصدة فكرة مرعبة حقأً لأي رجل يشعر أن ما جمعه خلال 33 عاماً معرض للتجميد. لا أحد يحتمل ان يخسر حصاد عمره.

التاريخ لا يمنح احداً النهاية التي يريدها، فهو يوزع مصائر الرجال، ليس وفقاً لرغباتهم، ولا حتى وفقاً لمسارات محددة من نوع النهاية المأساوية لحاكم ارتكب مذابح، فلقد نجا بعضهم من دفع الثمن العادل للمذابح التي ارتكبوها على غرار شاه ايران، وزين العابدين بن علي، وسياد بري، والأخير هو النموذج الأقرب لما يزمع الرئيس القيام به.

يبقى الحاكم قاتلاً بدم ضحية واحدة او بآلاف الضحايا، غير أن الأمر هنا ليس في المفاضلة بين مستويين للشر، بقدر ما هو حديث عن اليأس الذي يحتاجه علي عبدالله صالح هذه الأيام، دوناً عن خلق الله أجمعين.

يأسه من تحقيق اي انتصار جزئي هو ما سيضع حداً لهذه المعاناة المشتركة التي طال امدها، ليس لأننا، كما ذهبت في أول المقالة، قد نفاضل بين يأسه ويأس الشعب، ولكن لأن هذه المفاضلة مستحيلة اصلاً. ناهيك عن ان يتركز امل هذا الانتصار الجزئي في معركة ثأرية شخصية لها علاقة بشماتة الرجال، اذ انه عليك احياناً القبول بأن يكسب غريمك اخر المطاف، فهذه هي الحياة. وطالما بقي هناك من يعطيه املاً بإمكانية الحسم العسكري. او بمعجزة قد تهبط اثناء المماطلة، على غرار ان تحتاجه امريكا لمجابهة ثأر القاعدة لمقتل زعيمها، فذلك مجرد ترهات قد تفضي فحسب الى انجاز نهاية فجائعية من ذلك النوع الذي يترك اثراً موحشاً على الحياة العامة لمدى بعيد.

الأمل باقي لدى الرئيس ليس ذلك الأمل الأنساني المؤثر، لكنه امل مقامر خائف ومتوتر تكدست خسائرة طيلة الليل.

وحين يقودك ما نظنه الأمل الى خيار مأساوي، فذلك يعني انه عليك التحلي باليأس كفضيلة اخيرة لا يجيدها الا نوع نادر من الرجال الشجعان.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق