الأربعاء، أغسطس 17، 2011

لا يبدو أن الزنداني سيموت قريباً

محمود ياسين
sayfye@gmail.com

وكأننا في العام 90م. الزنداني يحارب المدنية.
كان مؤخراً قد تحول إلى طبيب أعشاب طموح وجاءت الثورة لتعيد الحياة إلى جثة...
من أين خرج هذا العدد من المناصرين الذين يردون على أي محاولة نقد للزنداني.
كنا نظنه قد أصبح وحيدأً ومجرد (جرمل قديم) معلق على حائط حزب الإصلاح.

السيئ في قصة الزنداني والمدنية أن الدكتور المتوكل قد كشف ضحالة منطق الزنداني واعتماده المغالطة في ما يخص بيان الأزهر تحديداً. ومرت الحادثة على الذهن اليمني هكذا وكأن المتوكل كشف فقط عن حالة عداء مع الزنداني ..
كم ذهن يمني تمكن من إدراك انحياز المتوكل للتغيير ؟
أظن الزنداني يستيقظ مبكراً يتناول الفيتامينات ويمارس رياضة الدراجة الثابتة يرشف الحليب والعسل ويخرج لمجابهة ثقافة المدنية دون أن يقرأ كتاباً واحداً .
أصلاً أي معركة بشأن المدنية وأصل التشريع الإسلامي ستحول أحدنا إلى باحثاً في الإجتهاد وكأن علينا البحث عن مصدر إسلامي حتى للحياة المدنية وهذا متعذر ذلك أن التشريع الإسلامي يناقض المدنية كما هي عليه الآن .
ولم يكن الدكتور المتوكل محقاً في إتكائه على بيان الأزهر فذلك البيان لا يعدو كونه محاولة تكريس للمؤسسة الدينية باعتبارها المرجع الأوحد لأي نشاط إنساني .
على أن البيان الأزهري أولاً وأخيراً جاء كحالة استمرارية لشرعنة مطالب السلطة وتوجهاتها .
وبما أن سلطة مبارك قد انقضت فكان على الأزهر تملق سلطة الثورة المصرية وتوجهاتها المدنية..
ولا يمكن القول هنا أن الزنداني أكثر نزاهة من الأزهر ذلك أن الثورة اليمنية لم تصبح سلطة بعد بقدر ما هي مشروع سلطة قادمة لا تزال قابلة للتشكيل بما يلائم طموحات رجل لا يبدو أنه سيشيخ يوماً.
لقد تجاوز السبعين ولا تزال ضغطة يده أثناء المصافحة تترك أثراً عنيفاً وكأنك قد فرغت للتو من مصافحة مايك تايسن .
لا يعقل أن تنجز الحبة السوداء كل هذه الفتوه الجسدية وإلا فعلاً فالرجل دون خلق الله أجمعين قد أستأثر بكل عطايا سبق القرآن للعلوم الحديثة امتصها بلا هوادة وحولها إلى حالة إشعاع غريب يحتدمان في ثنائية ذلك الحضور الهائل لرجل الدين كما هو في مرويات التاريخ والفن والقصص الشعبية .
وأن يقف رجل ضد المدنية وهو يسعل ويعاني التهاب المفاصل وليس لديه إلا عناد الفقيه المحتضر فذلك سيكون مطمئناً نوعاً ما .
أما أن يجابه مدنيتك عبد المجيد فعليك التنبه لهول الأمر وخطورته .
رجل قوي وكامل الضربات ولديه خليجيين كثر وتوقفت أمريكا عن ملاحقته وقد أغلق معمل الأيدز مؤقتاً ليفرغ لك ولهذه المدنية التي تشبه الغريم السهل . الغريم العزيز على قلب الزنداني فهو كلما صادفه فرك يديه تشوقاً وحماسة .
لا يعرف اليمنيون شيئاً عن تحول الشيخ ولا يزال أغلب ناشطي الإصلاح على عهدهم تجاه كل تراثهم التاريخي .
وبالعودة إلى اليمني العادي الذي ليس إصلاحياً ولا سلفياً ولا يربطه بالزنداني إلا ذلك الرابط الوجل بين اليمني ودينه .
سنجد وندرك بأسى أن الرابط الوجل ذاك هو شريان وجود عبد المجيد الذي قد يغيب شيئاً وقد يظهر في آخر صورة مع الرئيس أو قد يحضر بشكل ملحوظ مرةً أو مرتين في ساحة التغيير . غير أنه يبقى على الدوام موجوداً بين اليمني ودينه .
لذلك يبقى الزنداني متواجداً في الوعي الباطن لشباب الثورة ولأنصار الرئيس .
يمكن إيضاح الأمر في لعبة يجيدها الشيخ الزنداني دون أن يدري كما أظن ..
فهو في كل صراع يرفع المصحف ويقوم بذلك غريزياً وهو في قلب الحرب والسياسة والأطراف .
ويكون قد خاصم واقتتل واصطف وتسيس .
لو قلناها هكذا بدون قصد إساءة وطنية .
هكذا نقول: شعبنا لا يزال جاهلاً – ومستوى وعيه متدنِي للغاية أكثر مما هو متدين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق