الثلاثاء، أكتوبر 09، 2012

أين المفر؟


محمود ياسين

لسنا بصدد بحث ما إن كان هذا اللقاء الهائل للمشايخ من حقهم أم لا.

كلما هنالك أنه وفي أيام كهذه لم يعد من حقهم التمسك بتواجد كان يصلح في الستينيات أيام كان المثقفون مجرد ماركسيين ذاهبين آيبين بين الحجرية وعدن.

أيامها كانت المدنية اختصاراً للكفر والخمر وغموض عدن وحقد الحجرية، وكان الشعب قابلاً للتعامل وهذه الترهات مصغياً قليلاً للمزيد من جشع المشايخ على هيئة تجمعات من هذا القبيل الذي تموله السعودية وتصفه على لسان سلطان بن عبدالعزيز في مؤتمر خمر وهو يخطب ويرى أمامه أكثر من ثلاثة آلاف قبع ليقول "هذه هي اليمن".

المنغص أكثر من أي شيء هو سعي المشايخ الآن لنهب ميراث نخبة اليسار معلنين تبنيهم للمدنية.

ويحضرني الآن مقولة لمريد البرغوثي وهو يصغي بأسى مبتسم لتأبين إسحاق رابين لبعض الجنود الإسرائيليين في المقبرة قائلاً لأمهاتهم"مع كل شهيد نواريه الثرى نحدق في عيون أمهات الجند ونطرق بخجل "فصرخ البرغوثي "اللعين إنه يسرق منا روايتنا لموتنا".

ما الذي تبقى من إرث الجاوي إذن؟ وأنت ياشيخ صادق تناضل من أجل دولة مدنية دون أن تدري أن دولة كهذه في حال تحققت لأي سبب ستفرغك من مضمونك العنيف وعساكرك واعتمادات السعودية وقد لا يمكنك القيام عندها بشيء غير التقطع في نقيل الغولة.

المسألة أيضاً لها علاقة بالخبرة الجماعية في غرض تجمعات قبلية كهذه تتعاضد الآن كردة فعل على ندرة مزايا الإطاحة بعلي عبدالله صالح، إذ لم يفتح لكم هادي خزائن البنك المركزي كما يقول الكاتب الحاذق أبو بكر عباد.

هذا حشد لكل نهم اليمن المندفع الاستحواذي المفتقر لقابلية التطور الشخصي والنفسي وفقاً للتحولات ولذلك يستميت هؤلاء في تلوين وجه اليمن بأوداج منتفخة وقبع ولهاث يتساءل "كم با يدو لنا مصاريف".

منذ بدء الخليقة والمشايخ يريدون مصاريف ولو من دولة ناجورني قره باخ، يحاربون ويتجشمون عناء التسيس ويعلنون المدنية، ويشوشون على أحلامك ومغاربك والروايات التي قد تقرأها بدلاً عن بياناتهم الفجة ويتدافعون مثل قطيع وحيد قرن لا يهدأ، وهذا كله وصولاً للمصاريف.

ما الذي تبقى لنا نفعله إذن وقد أعلن الشيخ صادق مدنيته المدهشة التي تعني محاربة الجنوبيين والحوثيين واحتقار المرأة بالإضافة طبعاً لاستلام الرزق السعودي وتوزيع جزء منه.

هل يدركون أن لا أحد يحبهم؟

ما معنى أن يشمت ذهن شعب بثمانين شيخاً قتلهم سالمين في عملية عنف ندينها ونبحث في ذات الوقت عن السبب الجلي لتشفي شعب بأسره بحادث يحتاج لأخلاق نبي ليتمكن الإنسان من إدانته بينه وبين نفسه.

إنها الكراهية مثلما تكره يا شيخ صادق مسماراً ناتئاً من حزام جنبيتك يؤذي خاصرتك ولا تدري كيف تنتزعه.

كان مؤتمراً يذكرك بعلة قديمة حصلت على مناخ ملائم للظهور وتهديد ما تبقى من عافيتك، ناهيك عن غصة إضافية قدمها المشترك عبر إيفاد يحيى منصور أبو أصبع ليلقي كلمة الأحزاب، ولقد اختاروا النقيب يحيى منصور من قبيل تفهم حاجته لممارسة هواية يخجل منها وبينه وبينها بعض المعزة.

وسيم القرشي أشاد بالمشايخ ممثلاً للثورة الشبابية في كلمته التاريخية أمام المشايخ الذين حموا الثورة وكانوا ليمنحونا المدنية لولا أن علي عبد الله صالح منعهم.

ثمة أحداث في هذه الحياة تجعلك تتمنى بحرارة أن تتعلق بمركب شراعي مهترئ يغادر سواحل المهرة تائهاً، وقد يصل أو لا يصل إلى حيث تمضي بقية حياتك مع قطعان البطريق في المتجمد الجنوبي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق