الثلاثاء، نوفمبر 06، 2012

ســــأم


محمود ياسين

الأساسي أكثر هو الحب والمرح والتواجد الذي يرضي أحدنا متجولاً وخياشيمه تعرف طعم الدنيا والماء البارد .

لقد فقد أغلبنا إحساسه بالأشياء ،لا تدري ما هو الريح ولا العطش ولا الغبطة الجسدية منصرفاً للحذاقة.

لدي أكثر من حاذق يتجول في ذهني محدثاً جلبة, وأكاد أحس أحدهم متكئاً في الركن الأيسر من دماغي بحذاقته المفرطة يحدثني من ركن دماغي عن نصائح منظري التنمية البشرية التي تدور حول نقاط محددة ينبغي علي اتباعها في حياتي لأنجح.

النقاط ذاتها التي صمم هذا الحاذق في المقيل على إدخالها في أذني التي كانت من جهته، وأنا أقول له بتعب ورجاء "فعلاً، نقاط مهمة، الحياة بحاجة إلى هذا الذي ذكرت"والمشكلة أن نصائحه تبقى في دماغي طيلة الليل مع تساؤل من جانبي حول نوايا هذا الكائن الضاج وما إن كان يعتبرني فاشلاً بحاجة لنصح.

حياة البشر ناقصة على نحو غريب دائماً ما يؤرق الإنسان شيء ما، هناك ما يلاحقه بإصرار ويموت الناس وفي صدر احدهم تساؤل "لماذا لا أتذكر لحظات الفرح؟".

هناك طريقتان للتجريب غير طريقة صاحبنا هذا الذي يتجول في ذهني بنصائحه حول الحكمة, تلك النصائح التي لم يستفد منها عندما تشاجر مع جاره بسبب القمامة وتلقى لكمة في عينه اليسرى, وجاء إلي بنصائح جديدة حول الصبر على المكاره، المهم أن ما أتحدث عنه الآن وما ليس نصيحة ولا منهجاً هو التجريب أظن، على أن التجريب المستمر هو مخاتلة للدنيا, تعرف أين تضربك على الدوام ،والتجريب زحزحة لمكنة تواجدك, وللزمن ولوضعية دنيا تعرف أين تجدك .

التجريب في ارتجال علاقات ورؤى وطرق سير وطرائق إلقاء الدعابات، جرب أن تكون فظاً وأن تهذي وتقبل الترهات أحياناً, ذلك أن العالم مغلوط من حولك ولن تتمكن من استيعابه بقالبك الذهني الذي تستخدمه كل يوم ومن نفس المكان الذي تتموضع فيه كل لحظة ليجتاحك السأم, ويتحول طعم الأشياء في فمك إلى رماد .

مجتمعنا آسن وأنت فيه مجرد فقاعة تحدث صوتاً بآلية الكائنات الموجودة من قبيل العادة وفي أحسن الأحوال تنجو فحسب ،تنجو كل يوم من كل شيء وحسبك هذه النجاة بلا مرح ولا عطش ولا نشوات وترهات ونكات سخيفة واكتشاف أشكال لوجودك في دنيا وكأنها لا تملك غيرك, وأنت بين يديها مثل كيل قمح بيد فقير يصبه ويرده ويكيله على مدار الوقت .

يقال إن السأم يفضي لأكثر الخيارات سوءاً وهو الساحق لوجود كثيرين في أيامهم المقضية الحقيرة, يذهبون ليعودوا هكذا متعرضين لذات المتاعب, ومتلقين للصفعات ذاتها والتوبيخ وقلة القيمة, وفي الأخير الاستكانة بلهاث سنجاب بالكاد نجا من هول الدغل الذي هو مضطر للتواجد فيه .

كل يوم تفتح جهاز الكمبيوتر لتراقب الدوائر ذاتها والإشارات التنبيهية ذاتها ،ألوان تتكرر باضطراد ووجوه تمر بذهنك هي الوجوه التي تمر منذ عام على الأقل, ثورتك خاربة والرئيس يحفر بئراً والحوثيون والإصلاحيون مشمرون في وضعية تحد طويلة المدى، وبا سندوة يبكي من جديد .

لا يكاد يحدث شيء, لا يكاد ثمة ما يستحق الفضول حين تضيء سنة كاملة في حالة إصغاء إجباري مهلك لأصدقائك يرددون نفس التحليلات وبلا كلل

علي محسن بالفرقة وأنت تخبر كل من يتصل أين أنت؟ لتقول له أنا تحت الفرقة أو جنب الفرقة وقريب من الفرقة ومريت الآن من باب الفرقة والحياة تكيلك بلا هوادة, وتكررك وتعيدك وأنت تستعيد كل منغصاتك وتتكرر بآلية وتسمع كل الذي سمعته, وتتعلم التعايش مع السأم في تفاصيل حياتك اليومية, وهذا السأم المنبعث من حفرة السياسة الآسنة حيث لا جديد, غير أن الرئيس يحفر بئراً في الحوش.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق