السبت، ديسمبر 28، 2013

تثاؤب المشترك


محمود ياسين

يشبه المشترك الاتحاد الاشتراكي بعد رحيل ناصر، ندرك جميعا أنهم لم يعودوا يحبون بعضهم، ولم تعد كراهية صالح كافية لبقاء هذا التكوين المموه الآن باللاوظيفة لكل حزب . إنه الآن أقرب لفرزة يقبع فيها عناصر المشترك في انتظار سبب للمغادرة، ولا شيء يمر ليحمل كل حزب إلى وجهته، ذلك أنهم بلا وجهة، باستثناء الحزب الاشتراكي الذي يبدو مؤخرا كأنه قد يمم جنوبا، وقطع "فك"، وما تبقى بينه وبين الإصلاح لن يتجاوز جملة ملاسنات، بينما يهدد الأخير البقية، برفقة المؤتمر، دون أن يعلن أنه سيسايره طريق ما بعد 94، لأن ذاك الطريق قد اندثر، وما تبقى أمام هذا التحالف المستعاد موضع التهديد، هو شمألة صنعاء قليلا كمقاومة لجنببة العاصمة وفقا لمعلومات وهواجس، لكن المحصلة تفضي لبحثنا جميعا عن وظيفة للعتواني، مدفوعين ببعض الشفقة لهذا الراكب الذي لن يقله أحد .

لقد بقي شباب الاشتراكي يناضلون ضد ما يعتقدونه انجرار حزبهم خلف خيارات الإصلاح ضمن المشترك، وتبين لبعضنا أو لأغلبنا الآن، ودون اتهام الدكتور ياسين بأنه شرير، لكن اتضح أنه بطريقة ما هو من وظف قوة الإصلاح لخيارات الحزب، واستخدمه كحامل ضروري لإرادة الحزب الذي كان يعاني التهاب المفاصل، ومقابل بعض الإسلامويات الاعتبارية والدستورية، قدمها الحزب عن طيب خاطر.

في اليمن لا حزب يسرق هوية الآخر، ذلك أن الجميع بلا هوية، ويمكنك اعتبار زعيم المؤتمر إسلامويا أكثر من الزنداني اجتماعيا على الأقل، لكن هناك من يملك النفس الطويل والخبرة بهذه البلاد، ليحصل على حامل من نقيضه التاريخي الأيديولوجي الذي كان، وأصبح الأمر لعبة مكتملة الشروط لاستخدام أوراق الطائفية والمناطقية والحلم الثوري، وبلا أي ثقل أيديولوجي أو التزام مرهق تجاه السياقات التاريخية والاجتماعية. الآن يلعب الجميع بكل أوراق الرئيس السابق، الذي لاعبهم وتلاعب بهم من خلالها، وكأنهم أبعدوه عن الطاولة، وأنا هنا لم أكتشف البتة أن الدكتور ياسين عكس ما كنت أظن، لكنني لم أكن أظنه بهذا الدهاء، وكنت أعتقد أن ردات فعله الغاضبة الإنسانية أحيانا، هي منهجه الكلي في دنيا السياسة، غير أنه في السياسة، وفي دور الحزب وجنوبية الحزب، وقوة المشترك التي كانت، أثبت أنه أطول نفسا من ضيق رئة الحزب، ولم يكشف مؤخرا عن عداء للشمال، أو عن نزعة انفصالية، بقدر ما تعلمنا منه كيف يضع السياسي مخرجا للطوارئ لحماية ما يؤمن به. هو لم يخدع الإصلاح، لكنه قايضهم وأعطاهم ما يعتقدون أنهم يريدونه بشدة، مقابل حمل إرادة الحزب الاشتراكي، وتغطية هذه الإرادة سياسيا، ولكن مؤخرا على حساب ما تبقى من الإجماع والحاجة لضدية صالح التي لم تعد تكفي لأكثر من حاجة صالح سميع لتبرير انقطاع الكهرباء.


أما المشترك، فلا أظن المكابرة على البقاء إلا دافعا لتساؤل بسيط: ماذا لو مات علي عبدالله صالح؟ لا يصلح هادي مبررا لمشترك كهذا، ونحن ندرك جميعا أن تحالفات خارج هذه الأكذوبة العنيدة التي تسمونها المشترك، ونقيضا لما تأسست عليه، وأصبحت البلاد بحاجة الآن لتعددية محترمة بلا هراء، يظهر فيها كل طرف موقفه وموقعه. بعد الزلزال وبعد الحلم، وأثناء الفيدرالية وبروز كل المشاريع الصغيرة إلى الواجهة، يصلح المشترك الآن غطاء فقط لعودة سيف صائل إلى الله، وأيضا ليجد إصلاحي مودرن منتدى وفضاء لاكتشافه جوهر نظرية رأس المال، باعتبارها امتداداً لدعوة النبي محمد للعدالة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق