الجمعة، مارس 28، 2014

رسالة


محمود ياسين

خطر لي في لحظة وجدانية مخاطبة عبد الملك الحوثي برسالة قد تلفت انتباهه لجملة حقائق غائبة عن وعيه الذي يفارق بماضويته المحتشدة وعي جيلنا، فهو لا يدرك مخاوف الفتيان الذين نشأوا على تمثل مزاج ليبرالي متحرر ينزع لتمجيد الفردية، والولع بالكتب والموسيقى على أن أسأله: هل تعرف محمد الظاهري من صعدة؟

محمد الذي يتواجد في صنعاء مفصحاً عن وجوده بالدأب، والبحث واقتراح مضامين جديدة لحياة تشتغل على الحق في حياة أفضل لكل اليمنيين، الظاهري المأخوذ بمرويات الحداثة وتجارب الانحياز للإنسان أولاً وحقه في العدالة من كل شيء.

وصل الظاهري من صعدة بهويته المكدودة بشروط تواجد ابن الطبقة الوسطى، ولقد ورث من عائلته لقباً ومتاعب وكان عليه دوماً الاستيقاظ تمام الـ7 صباحاً ليدرس، ثم ليبحث عن وظيفة ومتواجداً في صنعاء بمزاج من يريد العدالة للمغلوبين، ولم يخطر له يوماً أن عليه إنصاف ميراث الإمام علي ولا الوقوف بوجه أي محاولة لتحقيق هذه العدالة التاريخية، فهو لا يضمر غير الانحياز للإنسان وعلى منهج حالم بتحديث اليمن.

ما الذي تظنه قد يخالج محمد وهو على أبواب مدينته صعدة عائداً من صنعاء ليجدها قد أمست مدينتك وهو يمر قريباً من لوحة مكتوب عليها: أهلاً بك في مدينة ابن بنت رسول الله؟

هل تظنه سيرضى بالأمان الجديد الذي خالجه في العمشية، وقد أمنت أنت له الطريق وانتزعت منه بالمقابل المكان الذي يعود إليه ويجد فيه جذره البسيط لحساب جذرك الموغل في إشكالات التاريخ.

نشأنا يا عبدالملك متفارقين نحن وأنت، فبينما نحاول إيجاد مكان تحت الشمس بالدأب والبحث عن لغة ومثال أخلاقي ووطني ننحاز إليه لاستحقاق المكان، والمكانة فأتيت أنت ظلالاً هائلة تسعى لتلوين المكان بحس استحواذي لا يرى غير ظلاله على جغرافيا تحاول إعادة تفصيلها على مقاس هذا الظلال، وتقوم بهذا بمعيار تقدم مختلف عن الذي راكمناه من معايير الدأب والذكاء والوطنية والانتماء مستميتاً على تثبيت معيار تقدمك بالميراث والبنادق.

ما الذي يتبقى لنا وقد حددت لنا مفهومك للعدالة بوصفها إنصافاً وموازنة اختلال حدث قبل ألف وأربعمائة عام؟

بينما نلامس العدالة بوصفها جدارة بالفرصة على معيار الجاهزية، وعدالة حياة لائقة بكل يمني.

يرونك الآن ما احتشدت إرادة اهتبال التمكين للاستحواذ عليه ويثبتون وجودك بوصفك أنت فرصة تاريخية إحيائية لا ينبغي التفريط بها.

أنت مندفع الآن وتظن العدالة حقاً إلهياً في الحكم وملاحقة قطاع الطرق، والإنصاف الطازج للمظلوم بقوتك الناجزة الآن، وليس بدولة قانون ومعيار عدالة لكل اليمنيين تضمنه دولة، بقدر ما تظن الضمانة هي نيتك الطيبة في تحقيق العدالة بطريقتك في الطريق لكرسي أمسى مسيطراً على مجال رؤيتك لنهاية الطريق.


صدقني ليس ذلك ما ينتظرك، لكنه اختبار أليم دموي يضعنا وأنت وجهاً لوجه في حال أصررت على المضي إلى النهاية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق