الخميس، مايو 24، 2012

ذيل لعين

محمود ياسين

بودي لو أخبر اليمنيين أشياء كثيرة من بينها أن طريقتهم في العيش لا تستحق التقدير، أنا أحترم هذا الشعب العظيم، العريق أيضا، ويمكنك إضافة الأصيل والمكافح، والذي يتمتع بعلاقة متينة بفكرة المروءة، وهو شعب بارع في التخلي عن كل شيء، وفي تصديق كل شيء، لدرجة أنني لطالما وددت لو كنت مخادعا، لأسوق لهم وأبيعهم الوهم الذي يكفي لتفتيت القطب الجنوبي.

هذا رجل من تهامة يتحدث عن وسيم القرشي، ويبكي، طبعا أصحاب تهامة قلوبهم لينة لدرجة شعور أحدنا بالذنب، إذ لطالما شعرت وأنا في الحديدة أثناء 3 زيارات، شعرت وهم يحدقون في وجهي، وكأنني سبب هذا الضنى والوهن، وفي حال كنت وغدا تتجول في الحديدة، أو تمضي أسبوعا بين هذه القلوب اللينة، سينبت لك مخالب وذيل لعين.

ما علاقة ذيلك اللعين بالتهامي الذي بكى وهو يتحدث عن وسيم القرشي؟

علاقة لا تقبل التسويف في شعور أحدنا بهول تجاهل قلب تهامي كهذا، ناهيك عن استثماره في مكسب من أي نوع. أصابع هذا التهامي مشققة، ودموعه المبجلة لشخص وسيم القرشي تهطل ضمن حالة أمل يلوذ بها الضعيف حين يصادف شابا جديدا شجاعا يظنه المنقذ.

سنعيد سرد حالة التهامي الطيب من جديد، "أصابع التهامي مشققة ودموعه المبجلة لشخص وسيم القرشي تهطل، بينما كان السيد وسيم يتجول بسيارته الأمريكية الفارهة الباهظة، ويتمطى ويكاد يسيل من فرط نعمة 6 أشهر من العمل الثوري بين القاهرة والدوحة وفنادق الماريوت وحياة ريجنسي وصنعاء أيضا، حيث يمكن لوسيم مصادفة أحد رفاق الثورة القدامى الذين لم تصطفيهم الدوحة، ويترجل وسيم ويصافح رفاقه، ممسكا بمقبض الباب، ويشعر هذا الثوري الحالم الذي لا يملك غير تعبه وحلمه وشرفه، أنه كمن يصافح النعمة شخصيا.

الثورة نعمة موعودة كما هو مفترض به لأجل التهامي ولأجل الخولاني ولأجل الفتيان الناشبين مخالبهم في الساحات باستبسال مؤثر وشموخ أليم، ونعمة أيضا لوسيم، ولكن كما يقول عادل إمام "موش للدرجة دي"، وهو قد قال ذلك في مسرحية الزعيم عندما عرضوا عليه لعب دور الزعيم الذي مات كونه يشبهه تماما، فقال أنا ديما كنت بادعي لربنا يفرجها، بس موش للدرجة دي.

سنبدأ من جديد محمود ياسين ينال من وسيم بعد أن حاول النيل من رموز الثورة كلهم.

لا والله، كل ما هنالك أنه لا أمر عندي من أن يستخف بي أحد أو حدث أو جماعة.

الثورة لم تستخف بنا، لكننا سمحنا لمجموعة مختلفة عن سياق الحلم الإنساني بتحويله إلى مسألة حظ وفهلوة، لقد شارفت الفكرة على نهايتها، وهو البحث عن تفسير لم يحدث لعاثري الحظ وهم يصافحون في نهاية كل حلم محظوظا واحدا تكاد أصابعه تذوب، ذلك أن هذا الشعب الذي يحيا بدون مرح ولا نباهة، وفي حالة من التخلي الجماعي عن ثمن النزاهة، يتحول هذا الشعب بالمقابل إلى دافع ومحفز لاستنبات مخلب وذيل لعين.

14 مايو 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق