الخميس، مايو 24، 2012

غلطة عبدالرقيب

محمود ياسين

ما الذي حدث؟

مقيل أكثر من قرية يريدني التصرف كفاسد من جيل الثورة:

أخبرني أحدهم ودموعه تفيض عن عدالة توزيع الفرص وكيف أنه في الليالي الباردة يرى أبناءه الضائعين بين أبناء المشايخ في زمن علي عبدالله صالح الذي جعله يكره ذاته العاجزة. أولاده الجامعيون كانوا بالكاد ينجحون وهو يتحدث عنهم كعلماء في الفيزياء النووية يحتاجون فقط لثورة تمكنهم من دفع اليمن إلى التقدم، يريدني مؤخراً أن أسرق لأبنه وظيفة من زمن الثورة دون أن يغفل بالطبع أنه فتى ذكي باقي عليه ثلاث مواد.

العدالة هذه فكرة عائمة بالنسبة لمن يفكرون فيها كحالة من المساواة في حق ممارسة الخطأ، وكل أسبوع يأتي اتصال من مراقبي تقدمي في مجال السياسة.. وكلما طلب أحدهم تدخلي في شيء أجده يريد شيئاً لا يستحقه ناهيك عن جملة.. هيا يا أستاذ ماذلحين الماء بساقيتك.. وقبل أن أنهي التزامي له بعملية فساد عاجلة لأجله يردد بامتعاض: ليت والله وأنته ما فلتش لصحب باسندوة الثورة مدينة للشعب كله بقائمة طموحات مخيفة.

أيام الثورة في البدايات صادفت أكثر من خيمة قريبة من بلادي بإب، وكانت خيم الناحية تلح علي في إيجاد طريقة موثقة لتثبيت دورها الثوري، ذلك أنني صحفي والفتى الذي كان يعمل في تجارة الخضروات وباع الخضروات وأشترى خيمة، بقى لشهرين يحذرني من تكرار غلطة عبدالرقيب عبدالوهاب.

لديه عقدة سرقة الثورة من أصحاب منزل أسمها "غلطة عبدالرقيب" وهو قد التقط اسم عبدالرقيب ولا يريد أي نقاش خارج عبدالرقيب.

يعتقد أن الزيود غالطوه، أيوه غالطوه وهو الذي فجر الثورة حق سبتمبر.

لدرجة أنني من فرط الإعياء طلبت إليه العودة لبيع الخضار، فذلك أجرى من نصب خيمة مزينة إلى جوار خيمة حسين الأحمر والتفرغ بعدها لقياس الفارق بين ارتفاع خيمته وخيمة حسين الأحمر، كمان يتحدث عبدالرقيب ويفكر أن الزيود نصبوا خيمة أعلى من خيمة عبدالرقيب والمحصلة أنه كان بحاجة ماسة لتجنب خطأ تاريخي أفضى به إلى مغادرة الدراسة في الإعدادية، بينما لم يكن ذلك في الحقيقة بسبب غلطة عبدالرقيب ولكن بسبب كراهية الفتى للعلم.

رضخ أخيراً لفكرة تدوين مطالبه في ورقة، فكتب مايلي:

إعادة معاش الوالد الذي ترك الحرب وذهب إلى السعودية في العام 67.
أن يتم "تنزيل" لقطة بالجرائد تبين أنه نصب خيمته قبل قيمة الشيخ حسين الأحمر بيومين.
توظيف كل الشباب حق بلادنا.
كان اعتراضي الوحيد على كلمة "تنزيل" ذلك أنه ليس من الدقة بمكان تسمية نشر اللقطة بـ"تنزيل" لماذا لم يقل "نشر" أو "كتابة".

بقية الحكاية مركبة نوعاً ما ـ ذلك أنني أخفقت تماماً في التعاطي مع الفتى بنوع من التعالي أو أنه مدعاة للضحك مثلاً، ولم يكن هذا غرض المقالة هذه، كان ملتاعاً وبحاجة للعدالة فعلاً وبحاجة لتجنب خطأ عبدالرقيب.

هو يبنى على علاقة الطمع الشعبي مع الثورة كتأريخ وفرصته فاتت، ذلك أنه على مدى عقدين من الإصغاء وهو يراكم قناعة أن ثورة سبتمبر فرصة تاريخ منطقة المهدورة، التي لولا فواتها لما كان أحد يعاني في قريته والقرى المجاورة فقر اللا وظيفة مع الدولة.

صح له المدرس الذي التحق مؤخراً بالخيمة.

إن ناحيتنا حرمت من وظيفة مابعد ثورة سبتمبر أيام كانت الوظيفة تعني تحولك فوراً إلى مسؤول، وأضاف جملة "يا رجال المدرسين حق مطلع يستلموا أكثر مننا بكثير".

وجدتها مبالغة غير أنه ليس من الحكمة لفت انتباه ملتحق جديد بالثورة إلى وجوب توخَّي الدقة.

21 مايو 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق