الجمعة، مايو 25، 2012

أنصار الشيطان

محمود ياسين

يتجول التطرف باسترخاء، ونحن نراه يمر ونسمع الانفجار.

بعدها نخوض في أسئلة عن مستفيد سياسي، ونحن بذلك نعطي براءة طازجة للتطرف باعتباره مجرد أداة.

يصرح محمد الزنداني تصريحات متلاحقة، وكأنه الوعي الباطن لأبيه الشيخ الذي يلوك التطرف بفم ابنه لدواعٍ أمنية.

مجتمعنا محضن دافئ للقاعدة، أهل قريتي يعتبرونهم مجاهدين، أمهاتنا لا يكرهنهم، والخطباء على مدى عقود يرصفون طريق القتلة إلى ميدان السبعين على أنه الطريق إلى الجنة.

ذهننا الجمعي متواطئ مع القتل باسم الله، ضمن جهالة شعبية لذهن قام التراث بتدريبه على الذبح الشرعي، ولست هنا لبحث معضلة تاريخ العنف الإسلامي بما هو عليه حتى من اقتتال داخلي بين جماعات تتعارك بشعار واحد "الله أكبر"، دون أن يقول لهم أحد إن الله أكبر من أن يمنح الجنة مقابل القتل.

نسمع الانفجار ونصرخ، بينما يتجول القاتل بيننا، معلنا عزمه دخول الجنة بالدم.

الدم الذي يغذي هول الخرافة وخواء الجماعات الباحثة عن دم يبقيها في الحياة الدنيا كما هو حاصل الآن، ولم يعد القتل لأجل الآخرة.

مئة جندي، ولقد وصلت قريباتهم إلى المستشفى نصف ملثمات، وزنان حزينة أقمشتها من ذلك النوع الذي يشتريه الجندي لزوجته في العيد.

مئة أرملة يا محمد الزنداني "اخجل"، وحاول التفكير في الخزي ولو قليلا.

مئات الأطفال ضاعت حياتهم، وكم هو طويل شارع تعز أمام أمهات الجند وحيدات بلا غطاء: تماما كما كان أبناؤهن المكشوفون لتغولات العنف.

ما أشقى الجندي، الليل والوحشة والراتب الضئيل وقلة الاحترام من الناس ومن قيادته التي تقذفه إلى الميدان أعزل وبنصف مؤنة وحقوق، وتقول له: احمِ الوطن.

يتعرض الجنود لمذابح متلاحقة، ولا أحد يتخذ التدابير.

الثقافة هي الأخرى لا تتخذ التدابير لمقاومة تطرف ذهني يستمد بقاءه من المواربة الأيديولوجية العاجزة عن تحديد علاقتها بالعنف.

زمن بأسره بقي يعمل على تفريخ وحوش هذه الأيام الطليقة، مثل فرقة قتل كانت تابعة لجهاز استخباراتي لم يعد بحاجة إليها، فأصبحت تعمل لحسابها وبلا وجهة.

23 مايو 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق