الخميس، مايو 24، 2012

سرقوا الماطور

محمود ياسين

سرقوا الماطور مرة ثانية، في الظلام يرادوني الأمل (يمكن يرجعوه) وأصعد إلى السطح أنظر إلى مكان الماطور الذي لم يعد فيه غير بقع زيت ومعجزة لم تحدث.
ان يسرق أحدهم ماطورك يعني وضعك تحت رحمة تداعيات الأزمة السياسية ويرغمك على الحقد على كل الذين أساءوا لك يوماً، تتذكر ما تبقى من البترول على السطح وتتصل بصاحب التاكسي تعال- شل الدبة.

سألني ليش يا أستاذ؟ قلت: سرقوا الماطور.
اتصل صديقي الشاعر يريد أن يسمعني قصيدته الجديدة فصرخت (سرقوا الماطور)..
الاتصال التالي كان من صاحبي السياسي الجديد الذي يتصل ليسمعني رأيه في الأحداث أولاً بأول وكان تلك الليلة يقترح تكوين منظمة سياسية جديدة شرفني بمنصب رئيس المنظمة واحتفظ لنفسه بمقعد (مسؤول الاتصالات) ذلك مفهوم، فهو لا يحب شيئاً كالاتصالات..

يمضغ القات بنهم ونحن في الثانية عشرة ليلاً ويعتقد أنه يساهم في التخفيف عني  من الهم  العام بجملة اقتراحات ينهي كل واحدة من هذه المقترحات بكلمة (مجرَّب).

مع أنه وفي حقيقة الأمر أنا على استعداد لتحمل أزمات البلد وإعفائي من أزمة علاقتي به..
رجل يبتزك بكلمة أستاذ وينهك حزنك على الماطور وبطارية تلفونك، ويقاطعك إن تحدثت بـ(لو سمحت لي) كنت ألهث وأخبره أننا إن شاء الله سنناقش هذا كله بشكل مستفيض في لقاء قريب، فاقترح أن يقرأ علي فصلاً مهماً من الكتاب الذي ألفه الرئيس هادي عندما كان (عاده صغير) وهو عن استراتيجية الحرب في الجبال، ففاضت دموعي من هذا الشر الذي يستخدمه في علاقتنا التي لم يمضِ عليها أكثر من شهرين لدرجة أنني أظن انه الذي سرق الماطور.

بالنسبة لجاري الذي يلتزم كلية بفضيلة (وتصغرُ في عين العظيم العظائمُ) فقد جاء ليسألني عن حادثة السرقة فقط ليتعاظم على حساب ماطوري ويقول يا رجال سرقوا بلاد..

وهو إنما جاء ليتخذ من مأساة الماطور مدخلاً لمناقشة الصحفي في جملة قضايا محلية وأزمات صغيرة سببها الوحيد هو أنها كبرت في عيون الصغار بما في ذلك جمعة الكرامة التي حدثت بسبب جدار في سور بيت محافظ صغير لا يهتم بمعالي الأمور، شوفوا هذا التفسير المروع لجمعة الكرامة، كنا قد أصبحنا على السطح فحلف لي بالله الذي رفع سبع وخفض سبع أن كل اشتباكات الحصبة كانت بحاجة جلسة مصارحة ووضع النقاط على الحروف. والتفت لعلبة الزيت الباقية من عائلة الماطور ونظر إليها باشمئزاز قائلاً: مش أصلي. وبدأ يسرد أنواعه المفضلة من زيوت السيارات ليصل إلى جوهر الأمر وهو التأكد من مستوى شجاعتي الصحفية في نشر قضية غش لها علاقة بزيت الطبخ، ليؤكد في النهاية تفهمه لهذا التردد البادي على وجهي فقال: خلص، خلص أنشر الموضوع باسمي.

أما الجار الذي بقي لسنوات في حالة نفي لا يرد حتى السلام ويغلق بابه في وجهك رداً على قولك (مساء الخير) فقد جاء ليتمرن على وظيفته القديمة أيام كان يعمل حارساً لمخزن شركة تستورد المولدات الكهربائية..

خطة متكاملة فيها مقترح بأسلاك شائكة في سطح العمارة وتحديد وقت نهائي للدخول من بوابة العمارة بالإضافة إلى عمل نوبات حراسة مبدياً انبهاره الشخصي بمقترحاته ويردد أيوه قع رجال.

وهو قد استكمل قطيعته مع الجيران تماماً أيام اشتباكات الحصبة حينما تجاهلوا استراتيجيته الأمنية.
وفي بعض الليالي كان ينتظر حتى تهدأ العمليات على كافة الجبهات ويخرج يده من الطاقة ويعمل طلقتين بالمسدس.
كان يريد أن تشترك العمارة في الحرب.

18 إبريل 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق