الخميس، مايو 24، 2012

مأزق العمراني


محمود ياسين


علي العمراني متحمس للغاية، لكنه لا يدري ما الذي يمكنه فعله.

ربما كان عليهم منحه حقيبة الداخلية كان لينجح فيها بتلك الصرامة التي يحاورك فيها. رجل لا يهادن وتورط مؤخراً في وضعية عليه فيها أن يهادن، فتبقت له الصرامة وغابت المعلومة والخبرة، وبدأ الإعلام الرسمي يكشف أن الثورات قد تأتي بوزراء صالحين، لكنها لا تمنحهم المكان الملائم لتقديم الأفضل.

هي هكذا الثورات يعقبها ضيق وقت شديد ورقابة جماعية أشد، وبينهما حماسة وزير لا يدري كيف يرتب الأولويات.

العمراني عالق كأي مفكر أجلسوه على مكتب وظن أن بوسعه الاعتماد على النزاهة الشخصية وسعة اطلاعه، ولاسيما الرابط الذهني بين سعة الاطلاع المعرفي والإعلام.

لقد أدمنت المؤسسات لدينا جملة طرائق أداء لها علاقة بالتسويات الفورية واستخدام المتاح، ومن فرط ما كتب الصحفيون أو من فرط ما اعتقدوا أن فشل إعلامنا وبدائيته مرده الفساد المالي وتملق الرئيس، فقد كرس ذلك اعتقاداً مقابلاً مفاده أننا كل الذي ينقصنا النزاهة والاستقلالية.

هو نزيه لكنه فيما يبدو لا يستطيع التمتع بهذه الاستقلالية، وعليه التمتع بهذه الاستقلالية وعليه التعامل وحاجة التسوية السياسية مع طاقم إعلامي رسمي توافقي نوعاً ما فيه هذه المواربة واستخدام المتاح وسمير اليوسفي.

وكأن البلد ليس فيها سامي غالب ولا نبيل الصوفي ناهيك عن طابور طويل من البارعين المرتبكين من علاقتهم إما بالثورة أو بزمن علي عبدالله صالح، ناهيك عن علاقة ذهن بلد بفكرة الموهبة والبراعة.

كانت القناة الأولى أفضل حالاً مما هي عليه الآن، كانت تدري ما الذي عليها قوله ولو بطريقة مرتجلة وتقديم برامج رخيصة وأجور وإعلانات بيت هايل وشاشتها أفضل حالاً من هذا التلكؤ اللوني وفوضى الحوار بين البرامج وكأنك تشاهد مهرجاً يرتدي بيريه ضابط وحذاء عامل طلاء ويقفز وبوده لو يكون الآن مهرجاً مستقلاً.. وهذا متعذر بالنسبة لمبدأ التهريج من الأصل..

اسمع عن مؤسسات إعلامية أكثر مما كنت أعتقد. لدينا قنوات كثيرة وبيروقراطيون كثر وكفاءة شحيحة للغاية.

الغريب أن أكثر من قناة رسمية وخاصة تستخدم الآن الارشيف الهائل لتلفزيون اليمن وكأنهم تقاسموا الارشيف أيضاً.

الموضوع يفلت منك نوعاً لأن عملية إيجاد رابط إعلامي بين أصوات الإعلام الرسمي المتباين متعذر تماماً..

أظن الأستاذ المفكر علي العمراني قد دخل معركة غير عادلة.

لقد نزل ميدان الإعلام أعزل تماماً وسيستنزف طاقته جهازه العصبي في عملية تحدٍ ضارية.

سنكون قد أضعنا أربع سنوات من دماغ مفكر ولم نربح إعلامياً يمكن حتى نقده.

الإعلام الرسمي سيتحول إلى جلبة.


21 إبريل 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق