الخميس، مايو 24، 2012

روح لعبدالغني

محمود ياسين

خطر لي أنه يتوجب إضافة ما يحل على ذهني من مأساة نهاية القذافي والتي كنت قد كتبتها في مقاله سابقة وهي، أن ذهن الثوار الليبيين ماهو إلى حاصل تشوهات القذافي الذي دفعوه إلى مقبرة بسنارة من الخلف وبقيت تشوهاته تحكم ليبيا وبالتالي سيبقى زمن القذافي لأمد بعيد.

إن تشوهات فترة صالح متواجدة في هذا العناء التوافقي القائم وفي عدم قدرتنا على هضم تركته العسكرية القبلية لأنها غير قابلة للهضم.

الزمن الجديد في اليمن وفي أحسن الأحوال يعيش حالة إحراج من علي محسن وعيال الشيخ، واحتقنت الثورة بهم مثل من ابتلع قنفذاً في حالة حماس وتبين له فيما بعد استحالة امتصاصه وتحوله إلى جزء من جسد الثورة.

يتلقى أحدنا تعليقات فكرية أحياناً على ما يكتبه عن تحولات الثورة ورموزها والوزراء ويحصل على خصومات. والإصلاحيون على أهبة الاستعداد للدحض وتبرير عسر الهضم القاتل الذي تعانيه الثورة.

يدافعون ويستشهد بعضهم بالآيات بينما نجد من الاشتراكيين حواراً، وبودي لو أقول لهم شوفوا الاشتراكيين وتعلموا منهم.

وكأنني بهذا أنصح "عيال خالة"..

حتى سائق التاكسي يصرخ في وجهي وفمه مليء بالقات وتصوروا ما يحدث لوجهي أثناءها ـ يصرخ: لا يمكن ـ أتحداك تثبت أن اتوسخوا على القذافي.

وأنا لا أملك دليلاً واحداًَ من قائمة الأدلة المطلوبة مني لأجل سائق تاكسي جرحت ساقه في جمعة الكرامة ويريد دليلاً واحداً يثبت أن علي محسن بسط على أرضية واحدة بعدن ويوقف التاكسي ويريني أثر الجرح في ساقه، هو جرح فيما يبدو أقدم بكثير من تاريخ جمعة الكرامة ويشبهه إلى حد ما أثر الجرح في ساقي من زبطة قاسم الذي كان يضع مسماراً على رأس حذائه ونحن نلعب كرة في صف رابع.. أخبرت السائق أن الأثر على ساقه يبدو قديماً جداً فقال: بغض النظر، يعني شوف الحق حق ويضرب المثل، يعني خلص كيف نعمل.

كان محرجاً فيما يبدو ولا أدري كيف أقنعه أنه من غير الأخلاق وضع علي محسن وأحمد علي في قائمة واحدة حتى أن قائد الفرقة سيغضب من تلك المقارنة بسبب من استيائه الشخصي لمقارنته بـ"جاهل"، لكن هناك أحياناً من يكسر ظهرك وهو يحاول مساندتك.

لعل الثقل هو ما يمكن تحديده الآن كوصف وحيد ومعقول لظهر الثورة المثقل بكل هذه الأشياء القديمة.

جنرالات ومشائخ وأحزاب ونحن على الهامش نحاول أيجاد صيغة للزمن الجديد ـ لا تكون مدينة للحاضر إلا بعرفان المساندة، أما أن نحملهم معنا إلى حياة نحاول جعلها أفضل، فذلك مرهق للغاية.. الثقل الثقل، تعود كل مساء وعلى ظهرك الفرقة والمشترك وتردد عبدربه وصاحب التاكسي الذي توقف عن طلب أدلة جديدة وانهمك في ملاحظة أثر الجرح على ساقه حتى كاد يضربنا بمؤخرة شاحنة.

سأعود إلى البيت وأهتف لنفسي: دعك من علي محسن وافرح بما طورك الجديد "نصف كيلو" لا أروع من كسر الحظر والتعالي على أسئلة من نوع: من المسؤول حقاً عن ضرب المحولات في مأرب؟ هناك تدابير واقعية تمنيك أحياناً عن البحث عن  إجابات.. كان الطريق طويلاً بسبب معرفتي الشخصية بالسائق وهو يمر على بيوت أقاربه ليضع شيئاً أو يجلب شيئاً ويتركني في السيارة والريموت بيدي أقلب أناشيد كثيرة لا تكن تقفز إلى رأس من قناة سهيل.

يعود ليقول لي: ولو سوء أدب، لكنه بعد التشكيك في تاريخ الجرح الثوري الذي في ساقه قد عقر تماماً وأصبح يحدق ويتلفت.

عندما وصلنا ساعدنا في حمل الماطور وقال لي على السطح بوهن شديد: لا تصدقوا المغرضين، ومضى.

لم تكن علبة الزيت التي بقيت من الماطور القديم في مكانها يبدو أن اللعين عاد وأخذها في اليوم التالي، إذ أنه حتى اللصوص يحتاجون إلى الزيت.

ومن الجهة المقابلة كان أحد الجيران من بلكونته في العمارة المجاورة يهتف: أيوه أيوه شغلتونا علي محسن معه أراضي وانته ماطور يروح وماطور يجي.

أيش قصة أراضي علي محسن هذه الأيام مع أنني لم أشر لأراضي الجنرال البته، وأنا أعتذر لهذا المشكك في نزاهتي من البلكونة عندما جاء إلي في الشهر الثالث تقريباً من الثورة يريدني أن أدخله عند الفندم، يشتي ينتقل من الأمن المركزي للفرقة.

وأنا لم أعتذر بسبب من مخالفة اللوائح العسكرية لمطلب كهذا ولكنني أخبرته أنني فقط أعرف عبدالغني.. واقتربت يومها من أذنه وهمست: كان عبدالغني صاحبي وكان الفندم صاحبه، ذلحين ما يجاوبش على تلفونه.. أيش رأيك؟؟ روح لعبدالغني.

22 إبريل 2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق