الأحد، أغسطس 26، 2012

لا يزالون في الجبل


محمود ياسين

كانت التسعينيات أيام تقدم وحزبيه واستقطاب على مقولات ادعاء القدرة على التغيير أو قيادته.

لم تكن برامج الأحزاب قد نضجت بما يكفي, غير أن محددات الانتماء كانت مدنية وضمن المشاركة العامة في الحياة الديمقراطية.

يفترض أننا نتقدم ،لكن الذي يحدث هذه الأيام هو استقطاب على أساس جهوي مناطقي طائفي

ها قد عدنا إلى ما قبل الدولة.

كنت البارحة قد كتبت عن أهمية دفع الحوثيين لتمثيل ما تبقى, وهو الغالب من قوة المنطقة الزيدية القبلية، وكأننا نورط الحركة في ادعاء الانتقال من جماعة مسلحة إلى حزب يكون ملزماً أمام اليمنيين بكل تغولات القوى النافذة تاريخياً في منطقة الهضبة المركزية كما يسميها مصطفى راجح.

لكن الناس قلقون من عنصرية الحوثيين وطقوسهم السرية سيئة السمعة، وقد تكون حكايا تلك الاستلهامات الإمامية وما يتناقله الناس عن انتظارهم لخروج بطلهم من القبو،قد يكون ذلك غير صحيح ،لكن مخاوف الناس تبقى جديرة بالاهتمام.

إذ كيف يعول مثقف ما على تحويل جماعة لحزب سياسي وهو يرى هذا الالتزام الطقوسي ببقاء مركز القيادة في البيت الهاشمي.

لست هنا لبحث "كيف تجاوز الحوثيون معضلة الإمام الغائب"، لا أحد من المثقفين الذين أعرفهم يدري ما هي الحجج التي ساقها عبد الملك الحوثي ليقنع أتباعه بنظرية "العلم"على أن العلم هذا بديل قيادي مؤقت للإمام ،ولا أدري لماذا سمَّى عبد الملك منصبه هذا بالعلم،هذا على أساس أنه استخدم هذا التوصيف فعلاً.

هناك معضلات تاريخية لا يملك أحدنا غير حيلة الضعيف لتجنب انفجاراتها، على غرار هذا المقترح الأشبه برجاء أن ننقل معضلاتنا من التاريخ إلى الانتخابات، إذ أنه سيكون من الباعث للاطمئنان أن يلمح أحدنا ملصقاً برامجياً للحركة الحوثية أمام لجنة اقتراع انتخابي.

شخصياً لا أثق بأي من الأيدلوجيين المتعصبين ولا الجماعات المستمدة وجودها من جذر الحروب التي لم تحسم تماماً.

أظن التغيير سيأتي من خلال ماجد المذحجي وسمير جبران ونبيل سبيع والعلائي ورضية المتوكل وعبد الرشيد الفقيه. عبد الرشيد وهو يجابه الخاطئين على أكثر من جبهة حقوقية وأكثر من تهديد ،عبد الرشيد هو مستقبل اليمن المدني الضامن لحقوق كل من لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم.

غير أن الوقع يجبرني على التفكير في عبد الملك الحوثي ومغافلة انفعالات حركته ودفعه لوضع كل تهم العنصرية والباطنية الصفوية "تلك التهم التي تبقى تهماً" وضع ذلك كله في اختبار العلاقة المباشرة بالناس ضمن كيان سياسي مستقبلي، ذلك أن لا أحد يمكنه الآن نزع سلاح الحوثيين, غير أننا نحاول نزع مبررات العنف المستقبلي، العنف باعتباره أكثر الاحتمالات تداولاً في الذهن اليمني حول صدام كامل بين حركتي الحوثيين والإخوان؛

على الأقل رضخ الإخوان لإبقاء تسميتهم الحركية في الظل ولبسوا بدلة رسمية لحزبي يقول إن لديه برامج، بينما لا يزال الحوثيون في الجبل.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق