الأربعاء، أغسطس 29، 2012

الرئيس يقول أنا موجود


محمود ياسين

ليس عليه وضع لهجته الأبينية كحاجز بينه وبين الشعب، إنه الرئيس وسيعتاد الناس لهجته

جيد أن يتحدث الرئيس هادي ويملأ المكان، ذلك أن الشعب يحتاج لان يحيا وفي ذهنه رئيس يذكر هذا الشعب البسيط بوجود الدولة، فالناس عندنا يحسون الدولة من خلال الرئيس ويختزلون حضورها, ويطمئنون لذلك الحضور وفقاً لمستوى حضور الرئيس.

كان حديثه الأخير المتضمن "لن نتهاون، ولن نسمح" ضرورياً لشعب يتهدده الانفلات ويحتاج لقائد لن يسمح ولن يتهاون.

رغم ما قام به إلى الآن إلا أنه لا يزال بحاجة لطاقم جيد, فهو مضطر للتعامل مع طاقم خليط مترقب وكثير منهم يتلمسون الأبواب ويمحصون خيارات الولاء بين الجماعات والقوى, والولاء للرئيس الجديد في ظل ما يشبه تأجيل تواجد ولاء الدولة, وبالتالي لا يكاد يتواجد حول هادي رجال دولة.

ما يهم هنا هو حضور الرئيس بلهجته وخياراته الجديدة وتواجد صورته في الذهن العام وكي نسمع في المقايل والبوفيهات "قال الرئيس, وحدد الرئيس" ولقد أصبح عليه إلى جوار ما يقوم به الآن، أصبح عليه تشييد واجهة رئاسية بمعزل عن تجاذبات القوى ،وان يبقي خط اتصاله بالناس عبر خطابات متكررة يرى الناس من إطارها صورة الرئيس الذي انتخبوه وليس الذي حملته أزمة إلى الكرسي.

كان أشعب الهندي يتلمس مصيره من خلال لهجة نهرو، وما دام نهرو هادئاً فالهند هادئة.

سيبتسم الناس وهم يتدربون على علاقة جديدة بلهجة الرئيس, وقد يتبادلون فكاهات تقليد مخارج حروف كلام الرئيس ولا سيما الراء ومع مرور الوقت سيحبونها في حال بقي رئيسهم إلى جوارهم أثناء ما تطل التهديدات الكبيرة ونذر الانهيار, وشائعات صراع القوى والجماعات ليسمعوا صوت رئيسهم في غمرة هذا كله يقول لهم"أنا موجود".

كان الرئيس أيزنهاور يحدث الشعب الأمريكي مساء من جوار المدفأة, ولا احد يجزم بزمنية انتهاء مرحلة حاجة الشعب لفكرة الأب ،ولقد قيل الكثير عن الأبوية القيادية وما ترتب على بعض تلك التجارب من أخطاء وتكريس لتواكل شعبي أفضى بالأب في الأخير لأن يخنق شعبه حفاظاً على أمنه.

لكن نماذج أخرى قدمت أباً مات قبل ان يصبح جلاداً, ورحل مشمولاً بالحب والتكريم, وبقي حتى اللحظات الأخيرة الأب المسؤول والرحيم على غرار سلفادور الليندي الذي كان شعب تشيلي يناديه باسمه الأول "سلفادور"وكما كان اليمنيون ينادون رئيسهم "إبراهيم" الذي لم يعدهم بالفردوس بقدر ما كان قريباً منهم ويتحرك كمسؤول عن العائلة.

كانت لهجة علي عبد الله صالح في البداية محرجة للمغتربين, وكان بودهم لو كان أكثر فصاحة ولو بمستوى قريب من فصاحة إبراهيم الحمدي، لكنهم ما لبثوا أن اعتادوها ولم تعد مسألة الفصاحة مهمة أثناء حاجتهم لرئيس يذود عنهم, ويتفهم ما ينقصهم وما يؤرقهم، غير أن أغلب خطابات علي عبد الله صالح أخذت شكل رسائل رجل يحذر مناوئيه, وحين يلوح بقوة القانون وقبضة السيادة كان الوعي العام يلمح قبضة الرئيس الذي بقي حتى الأيام الأخيرة يدافع بالكلمات عن حقه في الزعامة، ذلك أن تلقائيته كانت تكشف دوافعه للتحذير من المساس بالوحدة والسيادة والسلم الاجتماعي، باعتبار تلك التحذيرات رسائل وتحديات لمناوئيه وللطامعين بالكرسي.

من الأهمية القصوى يا فخامة الرئيس أن تدافع عن حق الناس في الحياة برعاية دولة ويقظة رئيس يتواصل مع الناس للاطمئنان عليهم وليس على متانة الكرسي الذي وضعك الناس عليه أثناء أزمة، فتحدث إلى الناس وليس إلى الأزمة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق