محمود ياسين
ما نقوله ليس تشاؤماً ولا علاقة له بالضغائن وتلك العواطف الخرقاء لرجال اكتشفوا فضائل علي عبدالله صالح بسبب سوء خصومه، هذا ليس وارداً إذ لا فضيلة إلا لمن يتمتع بها حقاً ولا يحصل الرجل على امتياز أخلاقي من خلال سوء خصومه.
أغلبهم يفتقرون للكفاءة والنزاهة وشاركوا
جميعاً في رهن البلد لتصرف المملكة وهم يعانون جميعاً من ذات النقص في الكفاءة السياسية
فيمارسون السياسة بعقلية عدل قرية حاذق يمكنه الاعتماد فقط على لؤمه الفطري وليس على
مسؤولياته.
منذ مؤتمر حرض والسعودية تدعي الخلق السياسي
اليمني البدائي في تحويل كل حدث تغيير وكل انتفاضة شعبية إلى تبادل مراكز نفوذ بين
الأقوياء.
كان أقوياء ما بعد مؤتمر حرض هم أقوياء
الصف الملكي وأقوياء الصف الجمهوري من ذات العينة- مشايخ وضباط ومرجعيات مذهبية مناطقية.
ومن أيامها ونحن نرزح تحت وطأة جشع هذه
المجموعة وغبائها وخياراتها ولم تدخل النخبة الحزبية في خط الخيارات والتبديلات والاسترضاءات
وبيع الولاء إذ لم تقم الحزبية بأكثر من وضع عناصر تلك المجموعة وورثة قوة القبيلة
والمرجع المذهبي لم تقم الحزبية بأكثر من وضعهم في سياق تنظيمي ظل رهناً بخياراتهم.
ويمكنك فهم أن حزب الإصلاح مثلاً التنظيم، ظل وحتى الآن يوظف قياداته كوسطاء بين المجتمع
والقوى التقليدية يدافع عن هذه الشريحة ويحاول تسويق عيوبها على أنها اضطرارات وردات
فعل على جنوح صالح أحياناً خارج روح التحالف التاريخي الذي كان.
ذلك الجنوح الأشبه باللعب والمناورة المسموح
بها بين الشركاء، وبالتالي يصبح رهن خيارات الحزب بضرورة الرد، كل ذلك الجنوح الرئاسي
الذي كان يستخدم فيه صالح مشائخاً ويتدخل في بنية الخيارات المذهبية فيردون بالمثل.
وهكذا تحولت السياسة بما في ذلك الحزبية
من الذي يفترض به تقديم برامج وجذب رموز من شرائح أخرى ووضعها في معترك السياسة، بدلاً
من ذلك تم تكريس قوة الفكرة الحزبية لنشاط مشابه لنشاط صالح ورداً وضداً عليه، ومحاولة
لتفويت فرص مزاولته أو الحؤول بين صالح وحوافز ذلك النشاط. وفي الأخير وفي كل مرة،
اقتسام تلك الحوافز واقتسام المكافآت الغبية لتوظيف تجاذبات القوى التقليدية في أداء
سياسي جعل حياتنا السياسية على ما هي عليه متورطة في الاسترضاء والاستقطاب واستثمار
كل ما هو سيء وكل ما هو عادة، وفي جعلنا نحيا بمعزل عن راع مسؤول عن الأخذ بيد شعبنا
لما هو أفضل.
لا أكن ضغينة لهذا الحزب الذي لطالما اعتبرته
بيت خالي ولا وددت أن يتصرف كيان ما على نحو صائب لوددت أن يكون ذلك الكيان هو الإصلاح.
غير أن معضلة الذهن اليمني تتجول مع دماغ
محمد قحطان وفي أفق أحمد القميري وحول عزلة ياسين عبدالعزيز الذي يستحق أكثر من إمام
الشيعة الغائب- توصيف المهدي المنتظر- وأظن اليمنيين يقتسمون هذا النوع من الترهات.
يقوم ياسين عبدالعزيز بطلاء جدران سردابه
وترميمها معتقداً بوهم فاعلية المرجعية التنظيمية في مسار حزب مهم بحجم الإصلاح أصبح
مع مرور الوقت ودون أن يتنبه ياسين عبدالعزيز يخوض في خيارات ميراث القوة التقليدي
ويتورط في منهج سياسي هو الآن خليط من توجهات كل الأنظمة المتشابهة التي حكمت اليمن،
فيفزعك هذا البون الشاسع بين نزاهة أغلب قيادات الإصلاح وبين القرارات الخاطئة للحزب.
يمكن هنا أن نفكر قليلاً في فضائل الكفاءة
شكل من انفصام تورط فيه الجميع بما فيهم الاشتراكيون حيث يهوى الكيان السياسي في هاوية
الضرورة مثل مدمن عادة سيئة أصبح رهناً لشروطها وإيحاءاتها وهواجسها.
لقد تخلى الساسة حتى عن ادعاء التنظيم ولم
نحصل على دراسة سياسية تبناها حزب ما ويدعي في هذا الدراسة أنه يمثل حلاً لواحدة من
المعضلات التاريخية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق