الأربعاء، سبتمبر 19، 2012

هل ستكون بلادنا جيدة الأيام القادمة؟


محمود ياسين

يفترض بي التفاؤل، وأن يتصرف أحدنا كمتملق لمزاج من يسعى بتهافت ليروقهم.

لا أذكر من قال إن العقول الغبية تنضح بنتن التفاؤل.

ثم إنني لا أتشاءم هنا هربا من توصيف الأغبياء المتفائلين، وبودي حقا لو أعطي أملاً، لكن لا، لن نكون أفضل، وهذا سيستدعي تعطل بعض الأمزجة الليلة، تلك الأمزجة التي تأخذني على محمل الجد.

لا أحد يا سادة يملك وصفة سحرية لأجلكم، ويكفي ما حصلنا عليه من "عاثري الحظ"، كونها الجملة الأكثر تشويقا وإبهارا ومأساوية، الجملة قيد استخدام عوالم ثالثية عاثرة بودها لو تحصل على توصيفات رومانسية لحياة قبيحة.

ويكفينا أيضا الأسماء التي حفظتها ذاكرة السنوات الأخيرة، لأناس اعتبرناهم قدرنا المأساوي، ثم ذلك النوع من التحليلات الانثروبولوجية الحاذقة ذات الصلة بشروحات مطولة عن طبيعة التكوين الاجتماعي، وبؤر إفراز القوة والاستحواذ، ناهيك عن التفسيرات المضنية لما التبس على ذهننا الجمعي من أحداث تاريخنا، الأحداث التي أسست للاستبداد وربما العصبوية، إلى آخر حذاقة "تسليط الضوء" على ماضي وتكوين شعب يحيا في العتمة.

لا سبب ديني للتخلف، ولا يصلح تعقيد تكويننا مبررا لهول البداءة التي نقضمها ونتجول بها محاولين إظهار انحيازنا للتحديث، ذلك أن أيقونات ما نطلق عليه سبب التخلف من مشائخ وساسة على قدر من الاعتباطية، لا يكفون عن إعلان تبنيهم للمدنية أثناء ما يقرفص أحدهم في رغوة الجهالة المختالة.

لقد انتقلت أوروبا إلى ما هي عليه بخفة واقتضاب زمنيين، كان ليكون متعذرا وفقا لشروطنا نحن معشر شراح أسباب تخلفنا.

الوقت يمضي وإرادة الانتقال متذبذبة تماما، يمكنك مقارنة ستينيات اليسار والكتب والتقدمية بما نعيشه الآن، لتدرك أن زمننا لا يمضي وفقا لخط بياني متصاعد يستجيب لعامل الوقت ومراكمته للخبرة والتفضيلات.

كان المفترض أن نخطو من اليسارية التقدمية الى ما يمكن تسميته بنذر الليبرالية، لكن لا شيء من زوايا العالم السوي وهو ينتقل ويدفع ثمنا ويراكم ويتماجن ويختبر أصولية ما أثناء ما يراقب أعراض تطوره.

نحن نخبط في خط واحد مثل معتوه يتشبث بخلفية آخر سيارة، وما إن يصل تخوم المدينة حتى يحن لقريته ويترجل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق