الاثنين، سبتمبر 17، 2012

على أسوار السفارة


محمود ياسين

وصول المحتجين لبوابة السفارة الأمريكية بتلك السهولة، أمر محير فعلا، إن لم يكن محيرا تماما، فهو يدعم إشارات إعلام المشترك لدور ما تبقى من النظام السابق في تسهيل وصول الناس، ربما لإحراج عبد ربه، وربما كعمل يائس.

هذا على أساس من قبولنا بما يردده إعلام المشترك، لا أحد يملك تأكيدا لهذا الاتهام، غير أنهم المشتبه به الأول.

إذا بقي الأمر في البلاد على هذا النحو، سيكون لدينا وساخة أمنية متبادلة بين الطرفين لأجل الإحراج وتوريط الخصم مع أمريكا أو مع المجتمع، ناهيك عن تداول إمكانات الإرهاب، واستخدامها كأداة فاعلة.

لو تأكد لعبد ربه أن وساخة أمنية قد وُضعت في طريق علاقته بأمريكا وثقة شعبه، فيجدر به أن يغضب، ويقوم ببعض التدابير. هذا نوع من المسائل الخطرة، وأظنه بحاجة الآن للتصرف كرئيس أولا بمعزل عن تحالفاته السابقة، وهو يتملص منها إبان جنوحه الأخير للتحالف مع الإصلاح وعلي محسن والسعودية، لحشر صالح ودفعه لمربع الحوثيين.

قصدي أنه سيتوخى الحذر بشأن اتخاذ تدابير عقابية، مكتفيا بإيلامهم وهو يتحالف مع خصومهم، وكأنه سيتصرف باعتباره ممثلا لواحدة من القوى في الساحة، وهو يكتفي بصمت البعض إزاء تحالفاته، مقدما ضريبة تملصه من أصدقائه السابقين على هيئة السماح لهم بالتعبير عن استيائهم على هذا النحو الفادح، وبما ينال من أمن الشعب، ومن هيبته الرئاسية.

التصرف كرئيس، يا فخامة الرئيس، وليس كحليف لبعض القوى. ذلك خليق برئيس لبناني، أما أنت فمسؤول عن فكرة الدولة، وليس عن ضبط إيقاع حركة قوى الداخل، ولست مسؤولا عن إعادة الاعتبار لفصيلك في يناير ٨٦، أو تفهم نفسية أصدقائك من بقايا النظام على أنهم فعلوا ما فعلوه بشأن السفارة بدافع الإحباط.

إن ثمن تحالفاتك الجديدة سيكون على حساب أمننا وثقتنا بشخصك.

لا تبدأ من الآن بالترتيب لولاية ثانية، اجعل الجميع يحتاجونك أكثر من حاجتك لأغلبهم أو كلهم.

لو كنت مكانك لتحالفت مع القوى المستقلة والأقرب لتمثيل الحاجة الملحة لاستعادة فكرة الدولة، أما علي محسن والإصلاح والسعودية فصحبتهم ستكسر ظهرك، ومعه ظهر الدولة.

لست متناقضا هنا وأنا أدعو لمعاقبة بقايا العائلة إن كانوا وراء حادث السفارة، وأن أطلب إليك في ذات الوقت، تجنب تحالفك الأخير والأشد خطورة.

أنت الرئيس، ولست أحد الأقوياء.

انتخبك الناس، ويحتاجون للإحساس بالأمن، فضع حدا للمغامرات.

ما إن نشرت هذه المقالة البارحة على صفحتي في "فيسبوك"، حتى تلقيت الكثير من المشاركات، وردود الأفعال مهمة لبعض المثقفين والمهتمين، ولا يتسع هذا لسرد أسمائهم وتعليقاتهم باستثناء تعليقات طارق محمد عبدالله صالح، باعتباره معنيا بما ورد في المقال، وتعليقاته أقرب لرد رسمي على ما جاء في المقالة، وهذه مقتطفات:

طارق محمد صالح: الأخ محمود هل اتهامك للعائلة أو النظام السابق ناتج عن تحقيق أجريته، أم مجرد أضغاث أحلام وتنبؤات، أم هم الطرف الأسهل لكيل التهم عليهم؟

محمود ياسين: لا هذا ولا ذاك يا أخ طارق، أنا أنجم هنا بقدر ما أستعرض الاحتمالات، أنتم الاحتمال الغول، مجرد احتمال وليس تهمة.

محمود ياسين: ثم إنني لو كنت مكانكم لتصرفت هكذا.

طارق محمد صالح: للأسف لسنا كما تظن!

محمود ياسين: قصدت أنني لا أنجم، وبعدين يا طارق اقرأ الموضوع كاملاً وبهدوء، وبطل حقك التعجل هذا في إطلاق الأحكام على أخلاقي، فأنا لست من يبحث عن الأضعف، قلنا فيكم ما لم يجرؤ أحد من المشترك على قوله أيام كان لديكم القوة والمال والاستخبارات، وكان بوسعكم قتل أي منا، فلم نخف ولم تقتلوا أحدا، الآن نحن نقول رأيا نجهد في أن يكون نزيها، وقد نخطئ بمعزل عن حساب ما يمكنكم وما لا يمكنكم فعله. وبعدين من قال لك إنكم بحالة ضعف، عادكم قادرين تدخلونا جحر الحمار.

عادل محمد دماج: قلنا يا أستاذ ننتظر استكمال التحقيقات، ثم نصدر الأحكام.

محمود ياسين: وبعدين شوف كيف يعامل الناس عمك وعمنا علي محسن وكأنه خالد بن الوليد، وشوف بالمقارنة كيف يكتب الصحفيون رأيهم فيه، أو كيف يكتب عدد كبير منا رأيهم فيه بما هو عليه، مستعرضين أخطاءه كلها. لسنا طرفا يا سيد طارق، نحن كتاب لدينا إرادة قول الحقيقة، وما يفلت منا ليس أكاذيب بقدر ما هي أخطاء، وربما نقصر في جمع المعلومات، وأنت محق في هذه النقطة تحديدا.

طارق محمد صالح: حياك أستاذي، وما مشاركتي في صفحتك إلا لأني أحترم كتاباتك وأعجب بها.

بلال قايد: الذي حصل يحتاج إلى عدة قراءات في الوقت الراهن، لأن كل الأطراف مساهمة فيه ابتداء من الشباب ومروراً بالإصلاح والحوثيين والبلاطجة والأمن المركزي... قد لا نكتشف الحقيقة إلا بعد أعوام. أما من ناحية الرئيس عبد ربه فهو لا يتخذ قرارات مستعجلة، وإن بدت في نظر البعض مستعجلة، ولهذا هو يدرس كل الخيارات المطروحة أمامه.. على الأقل اللجان التي يشكلها نرى نتائجها على أرض الواقع، ولو بعد حين.

محمود ياسين: لا أظنكم الشيطان لكنكم لستم ملائكة، أنتم عائلة توشك على خسارة كل شيء، وأنا لا أقول إن من حقكم الدفاع عن بقائكم بأي طريقة، فلطالما كنتم سبب تعاستنا، ولطالما استأثرتم بحظنا من الحياة، ولقد شارك أغلبنا في الثورة ضدكم، لكن الآن لستم هدف الصحفيين الأول، أنا على الأقل، ليس لأنكم الأضعف، ولكن لأن الأيام استبدلتكم بمن هو أكثر قدرة على إتعاس حياتنا وتبديد كل حظوظنا في الحياة، أضف إليها حظنا في الربيع العربي.

محمود ياسين: وأنا أقدر لك هذه المشاركة، على الأقل نسمع من خلالك كيف تفكرون.

عادل محمد دماج: ابتدأت... والأيام ستوضح.

محمود ياسين: إيش اللي ابتدأت يا نقيب؟

عادل محمد دماج: ليس هنا، سآخذ رقمك وأتصل بك.

محمود ياسين: كلمة أخيرة يا طارق، لو تبين لي العكس فسأعتذر عن اتهامكم بشأن السفارة، لكن لا أحد منكم مستعد لأن يقول: أخطأنا.

طارق محمد صالح: هيا أول أمس أبلغنا أن الساحة يدعون لمظاهرة يوم غد صباحاً، أي يوم أمس، وفكرنا أنها نفس المظاهرة السابقة، والصباح اكتشفنا أنها توجهت نحو السفارة الأمريكية. وبالنسبة للترتيبات الأمنية فهذا ليس من اختصاصا، وأنا لم أعد أشغل أي وظيفة، وكان المفروض أن وزارة الداخلية تستعد وتستدعي القيادات الأمنية، وتعد خطة أمنية محكمة، خاصة بعد ما حصل في ليبيا ومصر، وتعمل حسابها لأسوأ الاحتمالات، مش تكتفي بإرسال فريق بسيط من فرقة فض الشغب. هذا رأيي حسب ما أعرف حراسة السفارة من القوات الخاصة هم لمواجهة أي عمل إرهابي أو مسلح على السفارة، وليس لمواجهة متظاهرين سلميين حسب وصفكم.

طارق محمد صالح: ونحن مستعدون للرد عليكم، ولكنكم كنتم ترفضون الاستماع حتى لا يقال عنكم مندسون أو أمن قومي.

محمود ياسين: القوات الخاصة هنا ليست ملزمة بهذا القدر من التخصص، هم المتواجدون هناك.

طارق محمد صالح: لم أفهم ماذا تقصد.

محمود ياسين: لا أستطيع مجاراتك هنا تحديدا، لأنني لو قلت كان على القوات الخاصة أن تتصرف سأبدو وكأنني أدعوهم لقتل المتظاهرين، هذه معضلة أمنية بالدرجة الأولى تقع مسؤوليتها على الوحدة الأمنية المتواجدة هناك، وعلى من يقود هذه الوحدة، أو إلى أي تكوين تنتمي.

طارق محمد صالح: حراسة السفارة الرئيسية من الأمن المركزي وأمن السفارة، وتواجد القوات الخاصة هو دعم لهم بتشكيل فريقين حسب تشكيل الخاصة، وهذا الدعم جاء بعد الحادث الإرهابي ع السفارة في عام ٢٠٠٩.

محمود ياسين: كان بوسعهم التصرف بذكاء، يعني لا يؤذوا أحد من المتظاهرين، ولا يخلوهم يوصلوا للبابه، أنت رجل أمن وتعرف هذا النوع من الإجراءات، كان بوسعهم عمل حائط صد تحذيري.

طارق محمد صالح: ارجع لما كتبت سابقاً وزارة الداخلية لم تعط الموضوع حقه من الاهتمام، والحراسة الدائمة لا تفي بالغرض، وعند توقع حدوث مشاكل يتم التعزيز بفرق مكافحة الشغب، ولكن التعزيز لم يكن بالشكل المطلوب، لأنه لم توضع خطة أصلاً، وأنا أتحدى أنه وضعت خطة معمدة من الوزير بهذا الشأن.

محمود ياسين: بس يقول الأخ طارق إن الأمن المركزي والقوات الخاصة هم المسؤول عن حراسة السفارة، وأقول له على الأقل قل إنهم لم يقوموا بواجبهم دون أن يكون بالضرورة تآمرا ضد الرئيس أو محاولة لكشف عجز السلطة الجديدة.

طارق محمد صالح: يا أخي أمن السفارة لا يواجه المتظاهرين بالرصاص لأنهم مسلحون، ولكن ترسل فرق شغب، إلا إذا كنت تطلب منهم قتل المتظاهرين، وهذا لا يجوز أستاذي.

طارق محمد صالح: وبعدين أنا إيش دخلي منهم، روح بكرة للسفارة وقابل ضابط الأمن واسأله عشان تتضح لك الصورة أحسن من الكتابة من الغرفة ههه.

محمود ياسين: والله ما لي علم يا طارق من جد معادناش فاهم، تقول لي أستاذي في حوار أمني، يفترض أنك الأستاذ هنا، اشرح لنا هكذا بتجرد وإحنا إن شاء الله نفهم.

طارق محمد صالح: قد شرحت والباقي عليك اقرأها بس بتمعن وأنت عتفهم، لا تقرأ من وجهة نظر شخص ثائر وسط الساحة، وأمامه شخص يريد يحمله كل الأخطاء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق