محمود ياسين
مضى أكثر من شهرين وأنا أكتب يومياً ولم أتقصد في مقالة إغضاب أحد, أو التلويح بمهارة الكتابة باعتبارها عصى غليظة بيد قوي يسعى لإثبات أنه موجود ،لا ضغينة تجاه الحوثيين من ذلك النوع الذي يفصح عن أحقاد عنصرية مناطقية كأن أتعمد النيل من الهاشميين أو مطلع ومنزل والزيود، لا علاقة لما أكتبه إلا برجاء أن تصبح الأمور أفضل, وأن الكتابة قد تتمكن من إيقاظ القوى العمياء أثناء سيرها فوق مفاصل ما نلملمه على أنه جهد حياتنا الساعي بحذر نحو الأفضل، فتأتي واحدة من هذه القوى المرتجلة التي تجنح أحياناً للتصرف بخجافة وتدهس سدنا الترابي الصغير الذي شيدناه لحجز المطر والموارد والتجريب في إنشاء مجسمات ذهنية ليس لمدينتنا الفاضلة, وإنما لحينا الدافئ الخلو من العصابات .لكن كيف تقنعهم وهم قد خبروا أن الرجالة هي ما تقوم به ضدهم, مضمرين استرضاءك في النهاية دون أن يغفل أي كيان ضغينته ضدك وأنت تشوش استحواذه الممنهج وتعرض بشدقيه يرضبان لعاباً ينال من آدميتك.
كلما هنالك أن الكتابة قد تمكنت من إحراز
موقعها أثناء الربيع العربي باعتبارها الأداة التي لم تعد ذهنية التخلف لتشكك بجدواها
وقراراتها المعمدة لأي فعل سياسي أو المقوضة له، ولا يهم كم من الوقت تمضيه الكتابة
في انجاز فعلها بحركة القوى وشحن المجال المغناطيسي بين كتلة النخبة القوية وذهن الجماهير.
إننا بعد الربيع العربي نبث على موجة واحدة،
ليست ضد الإسلاميين بالضرورة لكنها ليبرالية بأولوياتها ومصطلحاتها والأبخرة الحقوقية
التحديثية المتصاعدة من أسطر الناس المنحازين للناس.
هذا ما لدينا وفي كل مرة يخطر للإنسان اختبارات
إنسانيته وضعفه ويدرك انه يحمل في صدره قلباً إنسانياً مدموغاً بأشكال الطمع وقذارات
الوجود الإنساني المترسب في خبرة الفرد وهو ينشأ في بيئة مضى معها على توقيت واحد من
بداءة الطموح في ما يمكن أن يمنحه الحاكم مقابل الموهبة المعروضة للاستخدام.
أنا واحد من أبناء المغتربين الذين تعلموا
بالكاد واختبروا البحث عن مكان تحت الشمس وأقوم أحياناً بتعمد قلب الطاولة على رأس
كل شيء لأقطع الطريق على ضعف ابن المغترب. هذا لا يعني أنني سأتوقف عن قلب الطاولة
على رأس أي خطأ أو اسم مهما كانت قوته وقدرته على الإيذاء، لسنا أبطالاً, نحن كتاب
نود حقا لو يعفينا المتابعون من هذا الضغط بشأن مع من وضد من، سيرتكب الأقوياء المزيد
من الحماقات ،كلهم سيقومون بذلك من الحوثيين مروراً بالإصلاح وتكتلات الرئاسة وسلاطين
الجنوب,وبقايا النظام الذي ليس سابقاً فدعونا نجابههم بدون بيانات إضافية عن شرفنا
ودوافعنا النبيلة، هذا الذي ارجوه مثل غيري من كتاب هذه المرحلة أمثال نبيل سبيع وسامي
غالب ومحمد العلائي وميساء شجاع الدين وخالد عبد الهادي وماجد المذحجي وهائل سلام ونايف
حسان ووسام محمد وفنانو الجداريات وكل من احتفظ بوعيه أثناء مغادرة الحلقة التنظيمية.
والدكتور المتوكل. وسمير جبران. وبشير عثمان وهاني الجنيد ومحمد العبسي وقائمة لا بأس
بها قد أصبحت كلماتها قادرة على إحداث فارق في أولويات مجموعة الحكم.
على الإنسان القيام بما يراه صائباً وملائماً
لروحه في كتابة نقد القوى الفاعلة والتخلي في ذات الوقت عن مهمة إصدار بيانات توضيحية
حول نزاهته و دوافع ما يكتبه، وما اكتبه هنا ليس بياناً لأحد، ذلك إنني وأنا ألفت عناية
الحوثيين إلى أنه لا ضغينة, فإنما أهدف لتخطي الموانع بين صوتي وبين من أرى قوتهم وأنشد
فيهم التعقل بمعزل عن الحب والكراهية.
يجب أن تتوقف عمليات الفرز ذات الصلة بالاستقطابات
أو الانشغال بها وتكريس بعض الوقت في مديح النزاهة والشرف الوطني، فلقد أصبح لدينا
عملية قراءة ومتابعة للصحف والمواقع يتم فيها تنمية الجهاز الإدراكي للمتابعين تجاه
فاعلية الكتابة ومدى صلاحية الكاتب. كل يوم أتعلم كيف أمضي برفقة الجيدين على أعمدة
الصحف ومربعات المواقع مثل السير في ميدان محتشد بأناس تجاوزوا زمن الأب المخلص, وفكرة
البطل أثناء انهماكهم في إبداء الاستياء المتعالي تجاه ما يكتنف دنياهم من أخطاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق