الأربعاء، يناير 30، 2013

محاولات استقطاب لا تهدأ


محمود ياسين

كل يوم نتلقى دعوات تخزين في بيوت سياسيين ابتداء بقحطان مروراً بالدكتور ياسين وانتهاءً بالبركاني، نسمع منهم ونكون أقوى إذ لا نكف عن نصحهم بالأفضل للبلد، لكنني لم أتوقع أنه سيأتي اليوم الذي أقول فيه "نتلقى دعوات من جميع الأطراف لنتبادل الحديث" هذا سيئ، لكن أحياناً تضطر للخوض في الترهات وكأن الذاكرة اليمنية بحاجة دائمة لإنعاش وأنت تقدم لها كل مواقفك التي تدحض بها بؤس النصر الذي يحتفي به خصومك ككاتب إذا سمعوا أنك كنت ضيفاً صحفياً في نقاش مع أي سياسي، ولو أخذنا بمبدأ السذاجة المتداولة في تحديد من يحق للصحفي مناقشتهم ومن لا يحق له مجالستهم لقلت إن المؤتمريين الآن أقرب لكونهم معارضة مقارنة برموز المشترك وينبغي الحذر من مجالسة رموز السلطة وليس الذين أصبحوا خارجها .

اعرف ما أنا عليه وسأجلس مع السياسي الذي يلائمني دونما حاجة لتبرئة ساحة أو توضيح، لكنني فقط حريص على القارئ الذي يحترمني، وملزم بتقديم تفسير يبين له أنني كما يحب أن أكون وحيث يحب أن يجدني، لكن ما الذي تفعله مع هؤلاء الذين يخترعون لك سقطات على مقاس السذاجة السياسية في تقييم نزاهة الكاتب الصحفي من خلال مع من كان يمضغ القات، ويتحدث في السياسة منحازاً للذهن العام ولقضايا الناس دون أن يغير وجهه بين جلسته مع الدكتور ياسين، ومناقشته مع المتوكل، وحديثه مع عضو لجنة عامة بالمؤتمر اسمه الشيخ سلطان البركاني، وكأنني إذا قبلت دعوته سوف أعيده إلى السلطة، وكأن علينا الإذعان لحاجة بعض القوى البقاء قيد التودد إليهم وبوتيرة ثابتة سواء كانوا معارضة أو جزءًا من السلطة .لا أخجل من صداقاتي وعلاقاتي، ولكم ما أكتبه وأنا أعرف أغلب ساسة صنعاء، أبادلهم النكات والتعليقات اللاذعة وأخبرهم وخلفي مساندة هائلة من حشود القراء، أخبرهم أن عليهم التصرف بصوابية محاولاً وضع قوتنا الجديدة كأصحاب موقف ورأي موضعها اللائق المنحاز لتحديث البلد، ولحقوق الناس ومن خلال اللغة التي يفهمها قحطان وأنا أحدثه فتظن أنني من أعتى الإخوان المسلمين الذين يريدون انتقال الإصلاح لمستوى أفضل، وكذلك أفعل مع الحوثيين وأخبرهم كم أنه من الملائم لهم ولحاجة البلد التخلي عن السلاح واتباع منهج الأنشطة الجماهيرية، ولطالما تمنيت حقاً الإصغاء لعبدالملك الحوثي ومبادلته نقاشاً طويلاً في كل الذي يحدث .

يا للهول، سيكون من المرهق حقاً أن يمضي أحدنا بضعة أيام في الرد على ما نشرته صحيفة الأمناء حول اتصال هاتفي ورد اسمي فيه، وتم احتسابي على المتصل الذي هو الرئيس السابق وهو يقول "قول للصحفي حق الأولى يقول ويقول" لا أدري ما الذي أراد أن أقوله أو يقوله رئيس التحرير الذي كان حاضراً في الجلسة، ولا أستبعد أن يتصل الرئيس السابق يوماً ليقترح أن أقول وأقول وليش ما تقولوا وليش ما تنصفوا.

أنا كاتب وأتلقى أرتالاً من رسائل النصح ورسائل الإطراء والنقد والسب وأصادف محاولات استقطاب لا تهدأ، وأنا تعبت من إخباركم بإلحاح أنكم الجهة الوحيدة التي استقطبتني إلى الأبد، وأنه لا أحقر عندي من كاتب يتلقى التوجيهات والنقود من أي جهة كانت، لكن تخزينة مع البركاني اتصل خلالها بزعيمه وسجل ابن الرئيس الحالي المكالمة وسربها لصحيفته "الأمناء" ضمن صراع لا أعرف عنه شيئاً، يحاول البعض إقناعي أنني على وشك خسارة رصيدي عند القارئ الذي يعول على نزاهتي ويصغي إليّ بثقة .

ثم إن مناقشة هذا الأمر مهين لي شخصياً ويجعلني ابتسم بأسف واقترح على سبيل الفكاهة أن أفتح لوكندة لي وحدي أجلس فيها برفقة الكراسي الحديدية التي لا خصومة لها مع أحد، ولا تتصارع في ما بينها ولا تسجل لبعضها مكالمات تلفونية أثناء ما تكون منهمكاً في نشوة كاتب قبل دعوة سياسي أصبح خارج السلطة.

نحن في الأولى وفي الشارع والمصدر وبقية الصحف أحرار في التجول والرفقة، ولكم منا ما نكتبه لأجلكم وستشعرون بدون حاجة لمكالمات تلفونية مسجلة، ستشعرون ما إن كنا لا نزال شرفاء أم القذارة قد ابتلعتنا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق