الأحد، يناير 13، 2013

لن نكتفي بالفرجة على الفرز الأخير


محمود ياسين

ينبغي للناس اليمنيين وببساطة أن "يقعوا رجال" أوادم عليهم إدراك ما يدور في صنعاء وأن الذين قاوموا الحمدي واغتالوه لاحقاً هم الذين أفسدوا علاقتنا الجنوبية الشمالية، وهم يقفزون على أي مشروع سياسي جديد يفخخونه ويتلاعبون به ليتحول أي منجز سياسي إلى حالة من الاستيحاش، وهم على الدوام قابعون في الزاوية مثل الشيطان وهو يلاحق ذهن آدم ويغويه ويخرجه من الجنة.

تشبيههم بالشيطان أكبر من مستواهم الذهني، ذلك أنهم لا يفوزون بإرباك البلد وتفخيخ مشروعها المستحدث معتمدين على ذكائهم، لكنهم يعتمدون منهج القبيلي المنفلت من أي التزام سياسي وعلى مبدأ "واحنا علينا وثن لنربش المحضر" إنها فقط قدرتهم على عصد البلاد وزلزلة سكينتها وأنصارهم ليسوا تنظيمات ولا فئات عمالية أو شعبية، نصيرهم على الدوام سلاحهم وتمويل خارجي لمقطوع رأس يحتدم على الدوام بنفسية "عليّ وعلى أعدائي".

يوماً ما سيقول أحدكم أثناء ما يقرأ نقداً عنيفاً لعبد ربه بعد أن ينتصر في معركة هذه الأيام وهو سينتصر بالتأكيد، سيقول أحدكم "ألست أنت الذي كتب يقول أثناء صراع هادي مع مراكز القوى العسكرية القبلية إنه ملاذنا وطريقنا الوحيد لتكوين دولة؟"أقول إنه نعم بالتأكيد وبشكل قاطع، عبد ربه الآن هو ملاذنا الوحيد، الآن لنا نحن الراجون لدولة ومؤسسات ليس لدينا سوى عبد ربه الرئيس المنتخب شعبياً، وإذا كان لدى أحدكم مقترح أو مقاربة ذكية لإقناعي أننا سنحصل على دولة ونظام مؤسسي في حال قبلنا وباركنا تمرد علي محسن الذي قام بحماية شباب الثورة، والذي هو رجل يصلي الفجر حاضراً ويصوم اثنين وخميس، وأنه يصرف على مئات الأسر الفقيرة، فهل سيفيدنا تمرد رجل بكل هذه الصفات؟

وهل تمنح عملية حماية الثورة الحق لعلي محسن بزلزلة البلد وهو يتمرد على قرارات الرئيس؟

وهل نكتفي بالفرجة على الفرز الأخير لأطراف الصراع في اليمن، وكأننا نتفرج على مبارزة بالرصاص ونشجع بحياد، مع علمنا أن المبارزة هذه بين من يمثلنا شرعياً وانتخابياً وبين من يمثل حلمه الشخصي.

كان علي محسن مع الثورة وكان عبد ربه ضدها.

الآن وكما هو حال تبدلت الخنادق أصبح عبد ربه مع الدولة وعلي محسن ضدها.

تحتاج المعادلة لتكريم شعبي ثوري للرجال الثوريين وليس أن يقوموا هم بتكريم أنفسهم، أو أن نترك للعاطفة مكافأة علي محسن بدولة يعمل بها ما يشاء.

لقد انخرط في كل الثورات اليمنية كل الذين كانوا هدفاً لهذه الثورات وفصلوها وقايضوا بها وبددوها وبادلوها وتحول الحلم إلى شيء لا تدري ما لذي تفعله به غالبة اليمنيين. لذلك عندما نتتبع المثل الصيني "احذر ما تتمنى" فإنما يكون ذلك لنعرف أنه عليك الحذر من أن تحلم والى جوارك وحش.

لنعد للفكرة الأساسية وأولها وخطورتها الآن في حالة صراعية قد تفضي بنا لكارثة ولم يكن الموضوع مفاضلة بين جنرال الفرقة وجنرال الحرس الجمهوري، ولسنا أيضاً بصدد المفاضلة العاطفية بين من سبق الآخر إلى الثورة ومن دافع عنها ومن كان نائباً للرئيس السابق، ذلك مرده للتاريخ وتكريم الأمم للرجال.

لكننا الآن بصدد الاختيار ليس بين عبد ربه هادي وبين علي محسن ومجموعته، ولكنه التزامنا الأخلاقي والوطني للاختيار بين دولة الشعب وبين ديولة العصابة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق