الثلاثاء، يناير 08، 2013

إلى جانب الرئيس


محمود ياسين

نريد حقاً أن نكون مع الرئيس بوجه الاصطفاف العسكري القبلي ضده مؤخراً.. وسنجد طريقة لمساندة فكرة الدولة من خلال مساندته، غير أن أحدنا يحرج من نفسه أحياناً وهو مع الرئيس عندما يفكر الكاتب أو السياسي والناشط بأبناء الرئيس.

وتقول لنفسك: ما الذي يضمن أننا لا نساند مستقبل نعمة ونفوذ جلال عبد ربه هادي، وناصر عبد ربه هادي، وياسر عبد ربه هادي.

وهذا الكلام هو أيضاً ما يحاول خصوم الرئيس هادي إحراجنا به قائلين: "استمروا في الدفاع عن مستقبل غيركم".

أعود لفكرة ما الذي يضمن أن الاصطفاف إلى جوار الرئيس لن يكون تأسيساً لعائلة جديدة كاملة الامتياز على حساب أبناء المغتربين وصغار الموظفين.

وأظن هذه مشكلتنا في اليمن، ومعضلة عاثر الحظ وهو دائماً مجبر على التداوي بالمر والعلقم وكل الوصفات البدائية التي لا يفطن لأعراضها الجانبية على جسده وحياته إلا بعد فوات الأوان.

أقول: الضامن الله، لكن الآن تتم محاصرة رئيسنا الذي لم يسئ إلينا حتى الآن بما يكفي لكراهيته تماماً وإدارة ظهورنا له.

لنا الظاهر من سعيه لتأسيس قوة الدولة، رغم إصراره على إغاظتنا وتهديد مستقبلنا بمستقبل أبنائه، لكننا ضامنون لبقاء أصواتنا في المستقبل، بعد الوقوف إلى جانبه الآن، ستكون أصواتنا التي ساندته هي من يزعج أخطاءه العائلية، ذلك أنه ينبغي عليه الآن اعتبار كل اليمنيين عائلته.

لا أدري كيف أتخلص من عقدة تاريخية تدور حول تحالف عاثري الحظ في مرحلة ما مع من سيحفر قبورهم لاحقاً.

لكننا مضطرون وملزمون أخلاقياً بمساندة رجل الدولة هذا خلال أيام تقحم الجميع لإرادته الرئاسية، وسعي جميع الأطراف لتحويله إلى مؤسسة مشبوهة لغسيل الأموال القذرة.

هذا من جانب، أما من الواقع السياسي الآن، فهناك سعي لترويضه تماماً لإرادة أقوياء الداخل والخارج، وتمرير كل خطايا احتكار الثروة والسلطة وبيع السيادة الوطنية من خلال رئيس منتخب، ولا يزال طرياً وقابلاً للتطويع.

يمكنك إدراك فداحة الأمر من معرفة أن مسؤولاً خليجياً ارتبط اسمه بصيغة التسوية اليمنية بعد ثورة الشباب، قد اتصل بالرئيس هادي، ويقول له: ما زلت بحاجة لعلي محسن.

وهم يريدون إذن سواء في الداخل أو الخارج من الرئيس هادي القيام بكل الذي كان علي عبدالله صالح يتلكأ في القيام به في سنواته الأخيرة.

شخصياً: لا أدري بالضبط ما هي طبيعة المساندة المفترض بنا تقديمها للرئيس هادي الآن، وهو محاط بخصوم فكرة الدولة التي نقول لأنفسنا مؤقتاً إن الرئيس يمثلها إلى أن نرى العكس.

كيف نسانده من ساحات الثورة المسيطر عليها وعلى صوتها وخياراتها؟ أما الكتاب الصحفيون الذين خلصوا لهذا الخيار الاضطراري اللامضمون مستقبلاً، فهم سيكتبون مقالات لا تعتمد تلفيق موقف، ولا اختراع فضائل لهادي، بقدر ما سيكتب بعضهم عن فضيلة تمكين المؤسسة الرئاسية المنتخبة من تخطي محاولة الأقوياء توظيفها في استراتيجية بقائهم بدلاً من وظيفتين محتملتين؛ الأولى وظيفة إدارة البلاد، والثانية تنشئة عائلة رئاسية جديدة.

نحن نحاول أن نختار جانبه على أن يختار هادي الوظيفة الأولى من الاحتمالين لما سيقوم به مستقبلاً.

إن ما يقوم به علي محسن في عمران، هو تمرد عسكري لا يحتمل تأويلاً آخر، وما يسعى إليه بعض الخليجيين ويمارسونه على الرئيس هادي، هو انتهاك للسيادة، أما من سيحفر قبورنا مستقبلاً فيبقى احتمالاً مفتوحاً على أكثر من جهة.

بينما نلامس على أرض الواقع عندما نؤجل الاحتمالات؛ نلامس اصطفافاً بوجه الرئيس من كل قوى الماضي الرافضة للتخلي عن أية نسبة من ميراث نفوذها، والتي تتجاوز طموحاتها الاحتفاظ بما لديها فحسب، إلى الحصول على كل امتيازات العائلة الرئاسية السابقة.

لا أحد سيقوم بتسيير مظاهرات ترفع شعارات مساندة للرئيس، ولم تصل المواجهة إلى هذه المرحلة بعد، ولا يوجد تنظيم قادر على التظاهر يمكن الآن أن يساند الرئيس.

هي مسألة بحث في معرفة ما الذي يحدث، دون التأكيد على أن الرئيس قد اختار جانب الشعب، وأن هذا الاصطفاف ضده هو ثمن لانحيازه لشعبه، والجزم أنه قد قرر تكريس وظيفته الرئاسية ووجوده وقوته لأجل دولة الشعب.. دولة العدالة.

لكن الأحداث تسير هكذا، وترفعه باتجاه هذا الخيار حتى ولو لم يخطط له.

يمكن أنه لو عرف الناس طبيعة ما يحدث في صنعاء، قد يحصلون على رئيس يمثلهم، ويقتربون منه من خلال مشاركته خصومة غريم تاريخي واحد، على هيئة مجموعة عسكرية قبلية لطالما كانت ضد فرصة اليمنيين في حياة أفضل، وها هم الآن يصطفون ضد الرئيس.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق