الخميس، يوليو 11، 2013

زَيَّدْك به


محمود ياسين

لأنها إب وأنا لن أشرح وجاهة انتمائي ودفاعي عن حق مدينتي في قيادة أفضل واحترام, لأنها إب فاصوليا السوق القديم بعد المغرب وأفلام السينما الهندية وطيبة الناس في الظهار وشارع تعز, ولقد أقلقها نزق البنادق مؤخراً ودائماً كانت إب محاولة حياة منتشية تتعرض للتهديد.

لقد تقبيل أغلب سكان الضاحية والنواحي البعيدة مكتشفين أصولهم القبلية, وتجمعت القرى حول لقب ما وجذر واشتروا لتكوينهم الجديد ثلاثة رشاشات "12,7" وكم بازوكة ونصبوا شيخاً وبدأوا التفاوض مع المؤتمر والإصلاح, أيهما سيقدر قيمة ولاء تجمعهم الجديد وتمكينهم من طريق النفوذ وفقاً لقوتهم الجديدة.

كانت إب ذكريات ما بعد ثورة سبتمبر وفكاهات المشنة والجبانة والفتيان من المدينة يشتون بنطلونات وفنائل حلقوم متأنقين بالاندفاع الحيوي لدنيا لم تكن الآليات قد اقتحمتها بعد.

وأن ترى الآن مسلحاً تتدلى من صدره جرمندية ذخيرة وقنابل وتصادفه متوجهاً من باب الجديد إلى الجادة فذلك مخيب لأمل أن تلحق بشيء من روح الجادة التي كانت؛ مضمراً في نفسك أن هذه الشخصية المسلحة إهانة لفكرة الإنسان (الندر) بتشديد النون المكسورة وتسكين الدال. والندر هو الحبوب الفكه الذي يمنحك تعليقاً على كل شيء وعلى نفسه ويعطي انطباعا ًبالخفة والاستعداد الدائم للانتشار بدون تطلب, لكنك تصادف الآن مسلحاً لا تدري ضد من وتسمع عن (بني فلان) الذين تجمعوا في الجبانة العليا وتواصلوا مع أبناء عمومتهم في المشنة والذهوب لتكوين قبيلة تحميهم من شخصية إب الجديدة التي لم يعديها فاصوليا, ولا نكت ولا سناسل ولا سينمه ولا بنطلونات حلقوم وذلك كله لأن السلطات في السنوات الأخيرة تواطأت مع اقتحام مزاج إب باستطلاب المعاوز لفوق الركبة وببداءة نفوذ القبيلة عند المحافظ.

ولطالما أدهشني تواطؤ جهاز الأمن السياسي في إب سنوات صالح الأخيرة على دفع إب للتورط في الحقد المناطقي عندما يترك الجهاز لأحد المتنمرين التجول في إب, وتهديدها مدعيا ًتمثيل مزاج (مطلع) وأن تدع الأجهزة لهكذا أمر من أن تتفاقم فذلك بقى مبعث ارتياب تجاه فكرة الدولة وحدود تماسها مع إب وما تضمره.

أقسم أنني لم أكن أريد ترديد كلمة (مطلع) لأنها ليست إلا أزمة مصطلح غبي مكنته السلطات المحلية الغبية من التحول لوجود بغيض يفوق حجمه الحقيقي, لكن في كل مرة خلال العقدين الأخريين تدور إب حول نفسها لتكتشف ما يشبه وهم الملاذ القبلي البدائي متخلية عن مزاجها المرح المحب للحياة بسبب من الإخفاق الأمني بالدرجة الأولى لكل محافظ, ويأتي القاضي الحجري مؤخراً بأسلوبه الغريب لتكريس هذا الوهم وهو يترك إب للنخاطين وإهانات استلاب الأراضي والاعتداء على موظف الدولة, وفي الأخير مكافأة البعض على نزقهم نصيحة لمزاج إب أن يقاوم وهم الاستقواء بالبداءة والقبيلة والتجول بالسلاح, ذلك أنه بوسعكم إقالة المحافظ والضغط على السلطات للاحتفاظ بنمط حياتكم الذي لن يعود كما كان.

لا أدري كيف أنني لا أتمكن من تخيل صورة إب والجرس الموسيقي للألف المكسورة والباء الساكنة وهي إلى جوار الحزبية القبلية كما يفعل المؤتمر والإصلاح ويعبرون عن حزبيتهم, ولا أتخيلها هكذا مدججة بسلاح أو متعصبة لجذر.

إب مرحة حتى وهي تتظاهر إذ يمكن للإنسان (الندر) إظهار استيائه الأنيق وتغيير المحافظ ولفت انتباه الرئيس لوجوب إظهار الاحترام والتخلي عن ذلك الأسلوب العتيد في ملامسة إب سياسياً.

ليست الأحزاب ولا المناطقية ولا الضغينة من يبعث صوت إب على هذا النحو اليوم, بقدر ما هو مزيج من رغبة أناس سئموا الاستخفاف.

هكذا هي إب تبقى تراقب باسترخاء وتتورط أحيانا ًفي تقليد سلوك الخصم, لكنها تعود لتراقبه يمارس كل ترهاته معطية الانطباع بأنها قد رضخت نوعاً ما, وفجأة تمسك عنقه مرددة باستياء, زَيَّدْك به.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق