الخميس، يوليو 11، 2013

أهل إب أبناء ماذا يا ابن القاضي؟


محمود ياسين

لا علاقة لفتيان إب بصراع الأحزاب وما شابه ولم يكن جبران مجرد وريث لقب شيخ ولسنا هنا للتنويه إلى أن هناك مشايخ طيبين ذلك أن اللقب بحد ذاته مرتبط تاريخياً بالظلم والتخلف سواء كان الشيخ من إب يبسط على أرض الفلاحين وحياتهم أو شيخاً من تخوم صنعاء يتمشيخ على قبيلته ويبيع ولائه للسعودية ويناوش فكرة الدولة ويتهددها.

المشيخ فكرة بدائية أصلاً والباقي مجرد تفاصيل وينحصر الفارق فقط في مدى تخلي شيخ ببعض اللياقة عن مستوى آخر من الهمجية.

لو حصلنا على خطوات تحديثية إضافية لتحول المشايخ إلى فلوكلور أو موضوع بحث في انثروبولوجيا اليمن الحديث.. ونعود لتأكيد أن لا فارق يفصل بين الشيخ وبين الضدية لفكرة دولة مدنية حديثة سواء كان شيخا من حاشد أو بكليل.. من جبال صعدة أو كثبان البيضاء. لقبه (باشا) أو (منصور) ولست هنا لاستعراض فارق آخر بين مشايخ مطلع ومنزل ولقد أصبح علينا نبذ الفكرة من جذرها ذلك أنه ما من بيانات مشجعة لجدوى تعليم أبناء المشايخ ومحاولة إدماجهم في دنيانا الحالمة بالتحديث فهو وإن تخرج من السربون وما أن يصل اليمن حتى يتحول إلى مزاج أرشيدوق من قرون أوروبا الوسطى طالما تشبث أصلاً بفكرة أو لقب ومزايا المشيخ.. ذلك أن هناك من تعلم منهم في جامعة صنعاء وأمضى حياته بشخصية موظف عادي أو حزبي يذكر فقط أن أباه كان شيخاً لكن الأمر هنا في التمسك باللقب ومزاياه ويأتي ليقول لك إنه حالة متقدمة ورث لقب ماضيه لكنه يفكر بذهن الزمن الجديد.. عوضاً عن هذا كله فثمة أبناء مشايخ يحوزون شهرة واسعة في الإيذاء والعجرفة المسلحة , أنا أعني في هذه الحالة الرافضة بإب الآن للقرار الجمهوري بتعيين جبران ابن الشيخ صادق باشا فذلك لأنه ارتبط ولا يزال بفكرة انتهاك المشيخ لإنسان العدين ضمن معرفة جماعية تتداولها محافظة إب ضاربة المثل بمظلومية العدين وجبروت بيت الباشا, ناهيك عن ممارسات جبران ويأتي أحدهم ليقول لك إن جبران يتكلم اللغة الانجليزية بطلاقة, هذا رائع إذن يمكنك مناداته مستر جبران وتكون بهذا قد بلسمت جراحات قلب العديني ورفعت عنه مظلمة التاريخ ونكبة الجغرافيا المذلة.

أعرف عدينيين افلتوا بطريقة ما من الإذلال وتكاد تلمح حيود جبال العدين على أنوفهم الشامخة لكن الأمر ينحصر في حالات تمكنت من النجاة ولا يزال بعضهم يعاني نفسياً من تقدمة نفسه للآخرين على أنه عديني فهو يدرك أن الآخر سيظنه فوراً إنسان مظلوم مذعن قبل أن يتعرف لشخصيته ومكامن قوته.

وليتني لم أشرح وأفسر كثيراً ذلك أنه يجدر بنا الوصول لقلب المعضلة في إب وهي مختزلة في فكرة الحفرة لحياة في المياه الآسنة في محافظة لا أدري من يتآمر عليها بالضبط ويبقيها رهن الرمزية الماضوية وكان سوء القرار الجمهوري الأخير هو اعتماده على هذه الرمزية الماضوية كمؤهل ومعيار لاتخاذ القرار وكأنه لا يوجد في إب أحمد الطاهري الشاب المحترم نزاهة ومعرفة ولا أحمد خرصان ولا هشام هادي ولا حمزة الجماعي,ولا صفوان الشويطر او ابراهيم الفلاحي وامين الشفق وأنا لا أرشحهم هنا كوكلاء بديلين لجبران رغم أهلية العشرات غيرهم لهذا المنصب من أبناء الموظفين والفلاحين. لكنني أذكر أسماءهم هنا كإشارة لغفلة المحافظ الحجري أولاً والرئيس ثانياً إذ يتواطئون على قرار كهذا وكأنه لا توجد في إب ردة فعل محتملة قد يقودها أي من هؤلاء المميزين.

الفكرة في أصلها تدور أيضاً حول فقدان الحجري للأهلية بدون اتكاء على ألقاب وما شابه أو تأثير المشيخ على مدى نزاهته كمحافظ.

هو من أولها رجل أريحي يتمتع بمزاج قاضي من الأربعينيات لا يؤذي أحد ولا يريد أن يؤذيه أحد أو يقتحم خلوته ويفسد نشوته, يمضي ثلاثة أشهر في صنعاء وكام أسبوع في إب مختزلاً شخصية إدارة الدولة في المحافظة أو حكمها في نداوة (ابن ناس) يقدر أبناء الناس ويستحي منهم ومن أصولهم العريقة والمشكلة يا سيدي أن المتمفرغين على كرامة إب وأمنها هم وحدهم الجديرون بتقديرك وتفهمك, وكأن بقية المحافظة أبناء ماذا يابن القاضي الحجري الشهير؟.

لقد تركت إب لهذا المزاج الذي لا يكترث لمحافظة بدأت تتململ وتجنح للتغيير سواء بثورة شبابية أو تحولات يسارية بعد انقراض اليسار لكن لن يكون الريادي آخر الرجال المحترمين في إب, ولن تقف حدود عظمة الشخصية الإبية عند مأزق اتهامنا بالحقد الطبقي أو المناطقي.

لدينا زمن جديد ليس ثورياً تماماً لكنه مختلف عن الذي كان وينبغي لإب التمتع بحيوية التجريب وتبديل الملابس الفلكورية وليس عن طريق التحولات طويلة المدى يكون هذا ولكن بإجراءات عملية أولية على رأسها تغيير المحافظ الحجري ليمضي أيامه الأخيرة بين كتب التراث ودراسات شعر الغناء وما شابه.

لقد اختلطت أولويات إب كما هو الحال في هذه المقالة بين بحث في مأزق الحياة برفقة اللقب الفج المشائخي وضرورة التحديث مع حاجة إب الواقعية لمحافظ آخر لا يدين للتسوية التي جاءت على مقاس مزاجه المسترخي وإنما يدين لحاجة المحافظة لجملة تدابير أمنية ومعايير لائقة بحياة الناس وكرامتهم وحقهم في تحديد معايير الوظيفة العامة بدلاً من تقديمها كهبات.

لن نحاول التشبه بمحافظة أخرى لكننا وهذا حقنا سنمضي من الآن لحماية حقنا في حياة لائقة وعدالة وجود ووظيفة عامة وعلى الطريقة الإبية وهي تمزج الحلم بالاستياء بالفكاهة ضمن مزاج من ينفذ صبره ويغضب بتهكم مرير.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق