محمود ياسين
ربما أكون محقاً في رهاني على شيء اعتيادي في السياسة – لا أدري لِمَ أنا متأكد من خوض المشترك الانتخابات القادمة بعد كل هذه الإجراءات في طريق المقاطعة.
أفكر في الرئيس غالباً بهذا الصدد. أفكر في ما يخفيه للحظات الأخيرة. على أنه سيتمكن من استرضائهم آخر الأمر.
هو بحاجة لاسترضائهم أو هكذا سيفعل بمعزل عما كنت قد اعتبرته "حزبيو المؤتمر" الأشبه بمجموعة إحراج أساليب الرئيس التقليدية. ما الذي سيقومون به بعد. ثم إنهم نجحوا إلى الآن في نقل التحالف التقليدي من كونه عملاً روتينياً إلى ما يشبه الإجراءات الضرورية. هذا على اعتبار أن الرئيس سيتخذ الإجراء الضروري.
ذلك أن مضي المشترك في مقاطعة الانتخابات (الأمر المستبعد كلية) من شأنه قلب نظام الحكم بغير بدائل. على أن هذه الطريقة المتبعة التي تأخر العمل بها هذه الدورة – هي نظام الحكم- ولا أقصد الانقلاب على السلطة القائمة ممثلة بالرئيس.
ما الذي يمكن أن يحدث غير هذا الانتظار لما سيخرج من معطف الرئيس؟ هل يمكن التعويل على أيهما يحتاج الانتخابات أكثر؟
بخلاف ما ذهب إليه نائف حسان في مقالته الأسبوع الماضي بشأن حاجة رموز الإصلاح مثلاً لمقاعد البرلمان على أن شخصيتهم النيابية هي كل أو أهم ما لديهم في هذه الحياة، وعلى أن هذه الحاجة الشخصية ستكبح قرار الحزب بالمقاطعة، هو أمر ينبغي التفكير فيه ووضعه في الحسبان. غير انه لا يكفي مع ما نتابعه من إجراءات متلاحقة، وكأن المشترك بهذه الإجراءات لا يضغط على الرئيس وحزبه فقط، فهو يتأكد, من خلال مقاطعة اللجان مثلاً، من مدى جديته هو في الذهاب إلى النهاية.
على مدى 6 دورات انتخابية متلاحقة لم تتراكم خبرة التسوية بين الأحزاب والمؤتمر.. ضمن تنمية شخصية الحزب كل على حدة، وبالتالي شخصية العملية الانتخابية. إذ بقي الإصلاح مثلاً مرتبطاً حتى وقت قريب بخيارات الحليف التقليدي كجزء من خيارات فكرة الدولة, على بساطتها. وبهذا المعنى لم يكن مستقلاً كلية. الحزب الاشتراكي هو الآخر لعبها منذ الوحدة كطرف وشريك في الشخصية السياسية الجديدة للبلاد. كان لديه دبابات ويفاوض بهذا الوعي، فيما بقيت الهوية الحزبية للجميع مجرد بروتوكول وخاضعة في الأخير لضمان المشاركة بوعي حاجة الطرف الآخر للمشاركة وليس حاجة البلد للفعل الديمقراطي. ومتى كان المؤتمر مستقلاً هو الآخر.
على أن فكرة الخبرة السياسية تتراكم بين قوى بلا تحالفات تقليدية ولا دبابات ومستقلة ببرامجها عن تفاهمات البقاء. وها هو الالتباس يكشف عن نفسه هذه المرة من خلال انعدام أية صيغة ممكنة أو اقتراح معقول للتسوية.
لدينا حالة حزبية تحاول أن تبدو مستقلة بلا خبرة، مع إدراكها أن الرئيس وحده من يستطيع تشغيل الماكينة الديمقراطية رغم التحفظات والعتابات الشخصية. سواءً معاتبة الإصلاح الذي قال أمينه العام السابق لجماهير تعز "قوموا للرئيس بن شملان ربع قرن وأنتم تقوموا لعلي عبدالله صالح". أو معاتبة صوت المؤتمر ورموز السلطة، إذ انصرف الجميع للاهتمام ببنود التعديلات الانتخابية بغيرما اهتمام يذكر للشق الرئاسي من التعديلات الدستورية الأخيرة.
وكأن الوعي الباطن للمؤتمر والنظام برمته بدأ ينعكس في التصرفات اللامبالية بالمصير الرئاسي.
يريد الجميع الحياة بلا أب وبلا التزامات قديمة. وفي ذات الوقت لا يمكنهم الاستمرار بدونه ولا الاتفاق بغير كلمته الأخيرة. هو يدرك ذلك تماماً، وكأنه بهذا التأخير يعاقب الجميع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق