الأحد، يونيو 03، 2012

حالة معلقة

محمود ياسين

عادة تكوين الماضي كحالة يشارك في المؤتمر, والمشكلة أن هذا الحزب بما يمثله من حالة جهوية للقبول بأن القبائل والعسكر ومشايخ اليمن الأسفل والطامحين هم نخبة اليمن..

أردت القول إنه لدينا غفلةً عامة يعود فيها المؤتمر ليس إلى الحياة الحزبية التي لم يغادرها لأنه لم يدخلها, ولكن يعود كغطاء للتسلل كلما كان مستهدفاً من الثورة.

لا أملك القدرة على التوصيف الدقيق لكنني أستطيع استخدام الأمثلة والحكايا لإيضاح بعض الأمور على غرار إيضاح كيف أن النظام الحاكم الذي لم يصبح نظاماً سابقاً تماماً (هو الآن مثل متهم مستفيد من عدم سلامة إجراءات الضبط).

الحكاية التي ستوضح الأمر هي حكاية عاقل إحدى القرى المجاورة لقريتي حينما ثار وجهاء القرية ضده بسبب المضخة التي تسلمها من هيئة تعاونية واستخدمها في مزرعته الخاصة وبقيت القرية بلا ماء. لقد نصبوا عاقلاً جديداً وضع المضخة في بيته ولا أحد يدري كيف أصر الوجهاء على بيعها واقتسام ثمنها مقابل الغرامة التي خسروها.

لا أحد يمكنه التشكيك بذمة الوجهاء الذين أطاحوا بالعاقل غير أنهم شعروا بالخجل من بيع المضخة, وبقي الحال معلقاً في حالة من فقدان الثقة والتشكيك بذمة بعضهم. والعاقل القديم لم يسلم المضخة ولم يمنع أحداً من السقي أو الشرب من بئره الخاص لا قبل الثورة ولا بعدها.......

كان بئر القرية قد جف وأصيبت القرية باللا مبالاة وفقدان القدرة على كراهية العاقل القديم بسبب الشلل الذي أصيب به مجموع الوجهاء تجاه مشروع الماء؟! وظل الأمر هكذا حالة معلقة.

أنا لا أُحَذَّرُ من المؤتمر. ولست هنا بصدد إعادة تكوينه لأجل التوازن فذلك ترف من الاهتمام لا أحبذه. إذن ما الذي يهم من توازن الحياة السياسية، حضر المؤتمر أو غاب؟

غير أن المهم هنا هو في أن الأمور تعود بهدوء إلى سابق أيامها. حالة من وصول اليمن إلى مرحلة الجاهزية لعودة نمط ومنهج إدارتها إلى ما كان عليه في الماضي.

حينما تثور بلا برنامج ولا شروط قاطعةٍ بشأن الكفاءة ولا تملك رؤية ولا منهجاً لإدارة الوضع.. ستضطر لاستخدام منهج سابقك الذي ثرت عليه. ويتسلل الماضي إلى داخلك لأن ثورتك لا تجد سبباً لممانعته..

كان العاقل القديم في تلك الحكاية قد استخدم الوقت الذي مر في تحويل قصة إزاحته من المعقلة إلى ذكريات مضحكة، وكان بلؤم شديد يدفع مزاج القرية في طريق خيبة الأمل وبقي جزءاً من حالة لا تجد طريقة ولا سبباً لمقاطعته........

فقد الناس حماسهم في اليمن والحل الذي كان تحت مظلة المؤتمر ونظام صالح قد بدا يستعيد نشاطه وتواجده، لأن لا أحد يدري ضد ماذا كانت الثورة تحديداً..

كل القطع التي كانت في الماكينة القديمة تم نقلها من دار الرئاسة إلى جوار الفرقة الأولى وتم تركيبها وبدأت تعمل.

إن إصرار من يفترض بهم إدارة الأمن ما بعد صالح واضطرارهم لاستخدام أدواته هو ما أوجد هذا الفتور في ممانعة إعادة تكوين مجموعة صالح لنفسها وشعورها مع مرور الوقت بتلاشي قوة المصيبة ناهيك عن فرص تلوح بقوة للتواجد الآمن وتحويل كل الذي حدث إلى مزحة.

لن تعود قيادات المؤتمر وجنرالات صالح إلى سابق قوتها لأن (السيستم) سيعود.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق