الخميس، أغسطس 09، 2012

نحتاج لرئيس وليس قائداً أعلى فحسب


محمود ياسين

لا يجدر بنا مقايضة كل الذي يدين لنا به هادي كرئيس مدني منتخب لديه مشروع، مقابل نجاحاته العسكرية.

أنا واحد من الذين كتبوا عن ضرورة تمتع هادي بكامل صلاحياته، وأهمية توحيد الجيش، لكن هل كل الذي ينقصنا الآن هو جيش موحد؟

الرئيس فرح بهذا الشغف الجماعي إزاء انهماكه في عسكريته البيروقراطية، وحاجته الشخصية لإحاطة وجوده بجملة إجراءات عسكرية من حرس خاص يتدربون في أمريكا الى إنشاء ألوية الحماية، وكأننا برفضنا وجود علي محسن وأحمد علي، قد أعفيناه من كل التزاماته تجاه حياة ينقصها كل شيء.

الرجل مستريح لهذا الهلع الجماعي من بقاء القائدين، وتلهف الجميع لمعركة إزاحتهما، وهو بالمقابل حصل على المهمة التي يجيدها كعسكري عتيد متقدم في السن، يتمتع بالريبية والتملص، ومعرفة تكوينات الجيش، والحالة القائمة منحته كل الموارد السياسية والبشرية لخوض معركة محسومة سلفا، وبالتالي يصبح وجوده في الأيام المقبلة مستمدا من هذا الانتصار على القائدين، متخففا من تعقيدات مشروعيته الشعبية التي لا يطمئن لها تماماً، كأي عسكري لا شيء يطمئنه مثل إزاحة خصومه العسكر. وأخشى أن ينسى أن القائدين خصوم وضعنا الذي في غمرة هلعه وضع الاثنين على رأس أولوياته.

وبالتالي سنقضي فترة مهمة في محاولة الوصول بهادي الى مرحلة الفتور تجاه نصره العسكري لنحصل على رئيسنا.

أما والحال هذه من افتقارنا لإدراك أولوياتنا، والثمن الذي ندفعه مقابل خوفنا من العسكر بالحصول على عسكري واحد بالغ الضراوة لم يتفوه بكلمة واحدة بشأن برنامجه الانتخابي المدني التحديثي.

لم يلتزم بكلمة واحدة تجاه عدم تكرار معضلات زمن سلفه، ولو المعضلة العسكرية، كأن يقول لن أمنح أبين الحق الحصري في قيادة الجيش.

إذ يجدر به إدراك مأزقنا مع سنحان كمنطقة استحواذ عسكري، ويقوم بالتالي بتقديم تعهد من هذا النوع الذي يفتتحه قادة العهود الجديدة، مظهرين مناقضتهم الكاملة لكل خطايا الماضي.

لا أظن من الممكن تعليم رجل في الـ80، أشياء تناقض تكوينه وخبرته وقناعاته التي يدين بجزء منها لتأثير شخصية سلفه العسكري المراوغ الذي يعالج الديمقراطية بالمزيد من الديمقراطية، بينما يعالج مخاوفه بمضاعفة السيطرة على الجيش.

لا نريد دفع الكلفة الباهظة للعقد التي يعانيها هادي من تاريخ علاقته غير السوية بالرئيس السابق، سلفه الذي لم يعامله يوما كنائب إلا في ما يشبه المزاح، ووضع له سقف 200 ألف ريال كمعونة يمكن للنائب صرفها، وبقي يقدمه للحياة السياسية كرجل ضعيف لا يصلح للعمل غير نائب رئيس في اليمن.

هل تدخل هذه المعطيات في خيارات هادي؟ وهل منحناه ثقتنا كشعب ليثبت لمن استخفوا به أن شخصيته قوية؟

لقد لعبت شائعة ضعف هادي دورا عميقا في اطمئنان الجميع لرئاسته.

ذلك أنه منح الجميع وعدا غير معلن باللاقبيلة واللااستحواذ، وأخشى أنه قد اكتشف أن عليه استخدام كل الذي تعلمه من علي عبدالله صالح، ليتمتع بقوته، ذلك أن خبرته النفسية مع الثورة تكاد تكون صفرا، اللهم إلا بالغفران المسبق الذي قدمته الثورة لرجل ينوب رئيسا غائبا عن الوعي في الرياض، وينوب رغما عنه، ولم نسأل عن مدى تورطه في الأوامر التي صدرت بقتل المتظاهرين طيلة شهور غياب صالح في الرياض.

الجميع يريد مساندة هادي بدون أن يطلبوا منه شيئا، ولسبب بسيط أنه متخفف تماما من عبء الكراهية الشخصية، ومن الضغائن التي تترسب ضد الرجل القوي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق