الاثنين، أكتوبر 15، 2012

أصوات الموتى


محمود ياسين

تتلفت فلا ترى غير هذا التحزب الإثني الماضوي بمنأى عما كنا قد حققناه كحياة حزبية وكانوا مهتمين بإظهار أنفسهم ذوي رؤية، وحتى إن الإسلاميين كانوا قد شرعوا في تقليد لهجة الترابي، وتسمع سعيد ثابت وهو يحدثك عن النظرية الإسلامية الثانية، والهاشميين لم يعودوا عند أي مثقف مجرد تهمة عنصرية، إذ تواجدنا معهم في شراكة سياسية وتبادل ثقاقف سياسي من خلال تكوينات سياسية لم يكن فيها محمد عبدالملك المتوكل يستفز أحدا غير عبدالوهاب الآنسي، لا أحد يدري لماذا كان الآنسي يقظا على الدوام لأية حركة يقوم بها محمد عبدالملك، وكأنهما نشآ في حارة واحدة، وأنا في عرض هذي الريبية بينهما أسميه محمد عبدالملك، لأن هذا الاسم يمكنني شخصيا من رؤية مشاهد اعتراض الآنسي لطريق محمد عبدالملك في أكثر من ندوة ومقيل، في ما يشبه البحث الدؤوب عن غرض يخفيه الأخير خلف كلامه الذي كان يبدو لنا كلاما متداولا، خارج هذا أنتم تعرفون الدكتور محمد عبدالملك المتوكل، الذي أصبح الآن وفقا للتصنيفات المتداولة عند خصومه "ناشطا هاشميا، إن لم يكن أخطرهم".

كان عبدالكريم الخيواني ليس هاشميا البتة، يستجلب مخطوطة التوريث، ويحولها من خلال صحيفة "الشورى" إلى قضية انفجرت في وجوه اليمنيين، وفي عرين الرئيس علي عبدالله صالح، وهم يعتقلونه ويتحول إلى أبانا الذي في السجون، ومحمد المنصور شاعرنا الدافئ، وحسن زيد لم يكن لهذه الدرجة من الخطورة، فما الذي حدث؟

لقد استحضرت هذه الأسماء خاصة الرعب من الهاشميين الآن كدليل على أننا كنا شركاء، وكانت الريبية العصبوية مجرد تبادل لسوء النية الذي لا يخلو من فكاهة بين اثنين من الحزبيين بينهما ضغائن وحسابات مبهمة.

والحاصل أن الأمر لم يكن يوما بين هاشمي وإخواني أخواله هاشميون الذي هو عبدالوهاب.

كانت الحياة الحزبية أيامها تمكنت من خلق تصادمات حديثة وريبيات فكهة، ولم يكن لها أن تتحول إلى مشروعات بدائية تسعى لإبادة بعضها على هذا النحو من استعادة قيادة وتمثيل مهام تاريخية غير قابلة للحسم.

كان عبدالكريم يكتب معنفا اليدومي، لكونه لم يصدر بيانا تضامنيا مع مظلوم أو إلى جانب مجموعة متضررة، وكان ينافح عن نبيل الصوفي، ويسعى لرأب الصدع بين ماضي الإصلاح وحاضره، وهو الآن يدين محاولات اليدومي وهبنة اليمن، ويسمح لتاريخه المبهر التورط في ماضيه العرقي ضمن حالة من فقدان الجميع لرؤية هاوية تدفع نحوها بلادنا بوتيرة حثيثة.

لا أقول هنا إن أيامنا كانت أكثر إشراقاً بوجود علي عبدالله صالح، غير أنها الآن أيام الخطر العظيم، ليس بسبب غيابه، ولكن بسبب استعادة الكيانات لهويتها البدائية المتوترة في هذا الغياب.

ربما يكون علينا رغم أنوفنا التعويل على المشترك والمؤتمر، مثل حالة مضطر لابتلاع جرعة من العلقم حتى لا يختنق.

أسأل هنا: ألا يزال بوسع هذين الكيانين لعب دور جناحي طائر يمكن أن يحلق مجددا، ليس تحليقا في الأعالي، ولكن بما يلزم البلد للقفز من فوق حقل الألغام الهائل.

راودني هذا الأمل وأنا أتابع بأسى صورة مبهرجة لأحد مؤتمرات الكثيري سلطان حضرموت القديم، وهو يحرض رموز حضرموت على إنجاز "حضرموت المتحدة"، وهو جالس تحت صورة لآباء العائلة السعودية المالكة.

كيف انبعثت كل هذه الهياكل العظمية من لحود الماضي، وقامت تدفعنا نحو الهلاك؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق