الخميس، نوفمبر 22، 2012

أين الرئيس؟


محمود ياسين

لن أتحرج من كتابة هذه الفكرة الرئاسية بلا توقف، ذلك أن الناس لن يسأموا البحث عن ملاذهم الوحيد الذي هو الرئيس في أيام قطع الطريق واللاأمان، ولا فرصة ولا مظهر لدولة يرأسها رجل انتخبه الناس، ويريدون الفكاك من انتماءاتهم المناطقية والطائفية، ولا يريدون بقاء هذه الحالة العائمة من تزاحم الجماعات القوية، وهم كانوا قد اعتقدوا أن الاستقرار يمكن الحصول عليه فقط من حيث يقطن الرئيس هادي، لا يهمهم أجهزة التنصت في دار الرئاسة، والتي يهرب منها هادي، بينما هو في الحقيقة يهرب من مسؤولياته. عليه أن يجازف حتى بأمنه الشخصي ورأسه ليكون رئيسا، لا رجلا بيروقراطيا تحتاجه دولة بعد حرب أهلية ذبح فيها أمراء الحرب بعضهم، وأصبح الوضع بحاجة لرجل بيروقراطي هادئ يقود عملية إزالة جماعية لمخلفات الكارثة.

لدينا وضع الإعداد على قدم وساق لأشكال من العنف الطائفي والمناطقي، والرئيس يتصرف وكأنه كما يقولون عندنا في البلاد "ولا كأنه بالبلسة بلس".

هذه مرحلة لطباع قوية يتمتع بها رئيس يسوق كل المتنطعين أمامه، وبيده العصى الدستورية الغليظة التي وضعها الشعب بيده عندما انتخبه.

مرحلة تحتاج لرئيس منفعل إيجابيا، ذلك الانفعال الذي يدفع رجلا وضعته الأقدار في لحظة زمنية فارقة، كحارس على مجاميع من العزل الذين لا يملكون أن يعولوا على شيء سواه، ينفعل الرئيس ليسترخي الشعب، أما أن يسترخي هو ونحن نجابه تغولات هذا الزمن اليمني الرجراج تحت أقدامنا، فذلك ما يبعث على الهلع من أن يتم تثبيت الوضع اليمني على هذه الحالة من تقاسم تمثيل القوة بين مجاميع مختلطة بين طائفية وسياسية، وبمرور الوقت تتكرس هذه النتوءات، وتتماهى بمشاريعها الصغيرة، مقتسمة مشروعية الدولة الأم إلى مشروعيات صغيرة تم الاعتراف بها بمرور الوقت كأمر واقع.

لقد كان عبد ربه فرصتنا الوحيدة كشعب، وفرصة للحياة المعقولة القابلة للعيش، ولو في حدودها الدنيا، وتعويلنا عليه لا يزال في صدورنا لأنه فرصتنا الوحيدة التي توشك أن تضيع.

أخشى أن الفترة الطويلة التي قضاها هادي نائبا للرئيس، قد روضته على القبول بفكرة الواجهة المجردة من الفعل، وأنه لا يزال يرى علي محسن من نفس الزاوية التي كان ينظر إليه منها وهو نائب للرئيس. ولا يزال أحمد علي ذلك الأصغر منه سنا والأقوى منه عسكريا.

كل شيء من بؤرة تمزيق البلاد يلاحق هادي، ويعطل قدرته على الفعل، ويريد الرئيس أن نقبل بهذه الأخطاء والتجاوزات كمعاذير له، نتفهم من خلالها هذا الشلل في مؤسسة الرئاسة التي لا نملك غيرها للأمل والركون على الحياة في دولة.

بينما تأتي هذه التجاوزات الأمنية وتخطي صلاحيات الرئيس، وتصرف كل واحد من الأقوياء داخل جهاز الدولة العسكري على أنه رئيس هو الآخر.. تأتي هذه التصرفات كسبب لأن يتحرك الرئيس، ويضع لها حدا، لا أن يخاف منه، ويعتمدها ذريعة لتسليمنا للوحوش. لا شيء مضمون يا فخامة الرئيس، والأعمار بيد الله، ونحن بلا ملاذ سواك.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق