السبت، يناير 05، 2013

هابي نيو يير


محمود ياسين

كان الفتى فرحاً بالسنة الجديدة على أساس ان الغرب يتعرى هذه الليلة وهو سيحصل على ما يتطاير من عريهم عبر الفضائيات. أما نحن فلسنا نصارى لنحتفل ونصخب ليلة رأس السنة وسنعود إلى بيوتنا لنمضي ليلة جن من ليالينا المعتادة.

لطالما حلمت بالمشاركة في احتفالات رأس السنة في الشانزليزيه افتح قارورة كندا دراي وأجلعها تطيش على رؤوس الفتيات ذلك انه يجدر بأحدنا أن يكون مسلماً حتى في أحلامه تاركاً للفرنسيين رج قناني النبيذ وتطييش الفرحة بطريقتهم.

أعرف صديقاً يجلس أمام التلفزيون ويشارك الغرب الصاخب في العد التنازلي للثواني الأخيرة من العام عند منتصف الليل ويقول (هييييييييه) بصوت خفيف حتى لا تستيقظ عائلته ويبدأ في احتساء الشاي بالحليب الذي تكون زوجته قد أعدته خصيصاً لهذه المناسبة.

أتدرون أن كراهيتي للعائلة الرئاسية وكتابتي ضد فتيانها قبل الثورة كانت تنفجر وتتفاقم ليلة رأس كل سنة جديدة وأتصورهم هكذا عمار وطارق وأحمد ويحيى يصخبون في الكاريبي مستخدمين طائرة خاصة للاحتفال في ثلاثة أماكن عالمية شهيرة يتنقلون بين الكاريبي والبهاماس والشانزليزيه وأقول لنفسي فهم أصلاً قبائل من سنحان ما يعرفوش يحتفلوا صح وانني مؤهل أكثر منهم لتذوق مزاج هذه الليلة العالمية وكان ذلك سبباً إضافياً لحنقي عليهم وعلى رأس السنة وعلى الشانزليزيه. أجلس أمام التلفزيون وأكز على أسناني قائلاً: هاذو يشتو لهم ثورة جديدة.

قامت الثورة ولا زلت أنا في صنعاء ليلة رأس سنة 2013م بينما يتجول الفتيان في أفراح ومباهج ليلة أوروبا الباعثة على الحسد حتى انهم هذه المرة سيحتفلون براحتهم متخفيين من الأمن المركزي والقومي والحرس الخاص والجمهوري.

الدنيا حظوظ والمرتاح من طفولته مرتاح وقديماً قالوا: أدوه للآلف.. هذا المثل هو خاتمة لقصة اثنين وفد ضيوفاً على رجل حكيم وليس لديه سوى القليل من المرق الذي يكفي بالكاد لضيف واحد.. فسأل الرجل ضيفه الأول: متى آخر مرة شفت فيها المرق؟ فأجاب: لا أذكر.. منذ سنين بينما كانت إجابة الضيف الثاني واضحة: آخر مرة شفت المرق أمس.. فقال الرجل: أدوه للآلف.

ما الذي يتوجب علينا فعله لنفوز بليلة رأس سنة واحدة لنا نحن؟ تصوروا يحيى محمد عبدالله صالح مثلاً: وهو أكثرهم تمنعاً وتقديراً لملذات الحياة. تصوروه واقفاً في ساحة رافاييلو في روما أثناء العد التنازلي الجماعي الصاخب للسنة الجديدة وبيده كف فتاة لاتينية ضاجة بالمرح وانه يتذكر الثوار في صنعاء تلك اللحظة وهم بين باب الخيمة وبوفية القباطي.. أظنه سيقهقه من أعماقه متشفياً وفائزاً وكأنه الشيطان في رواية المعلم ومارجريت حيث يغادر أهل موسكو عاجزين عن تبادل الأنخاب مكرسين وجودهم لتبادل الهواجس والضغينة.

حتى انهم (وهذا ما يغيظني أكثر) سيبتسمون عند قراءة هذا الكلام مما يدفعني للتساؤل المرير: هل فازوا علينا؟
أيوة بالتأكيد شور ريلي..

لكن هناك إجراء معتاد لقهقهاتهم تمام الثانية عشرة هذه الليلة. إذ انني سأنتظر حتى تنفجر الألعاب النارية في شاشة التلفزيون وأقول بصوت أجش: كان معاكم دولة وشليناها.
قبل أن أضغط زر استقبال المكالمات على تلفوني لأرد على سيدة مهذبة مغرمة بمقالاتي وتعتبرني ابنها لتقول لي "هابي نيويير".


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق