الثلاثاء، مارس 05، 2013

لا وقت لديهم لادعاء الطهر


محمود ياسين

ما أقدم علي عبدالله صالح على اقترافه من أخطاء كارثية كان بعد فترة من توليه السلطة، أما النظام القائم الآن فليس لديه الوقت لإمضاء فترة من الطهر الثوري ليبدأ ارتكاب الأخطاء الجسيمة لاحقاً.

لا أدري هل أسمي الرئيس هادي نموذجاً لهذه السرعة ونفاد الصبر في اهتبال الفرصة وتوظيفها لأجل محيط ضيق؟

لديّ شائعات حول هادي وما الذي يقوم به وإيماءات من هنا وهناك تطلقها ملامح أناس اقتربوا بدرجة ما من الدائرة الضيقة لإعداد الكوارث المبكرة.

محمود ياسين يكتب للمرة الألف عن خيبة الأمل الثورية، لكن هكذا هو الأمر إذ لا توجد موضوعات أكثر حيوية من خيبة أمل أمة كانت على وشك النجاة، وبدأ الهول من الساحات وعاد الميكرفونات تنضح بوعود النزاهة والعدالة والأيام الأنيقة، إلا وبدأ اقتسام الدولارات القطرية في الساحة على أن قطر هي صاحبة قناة الجزيرة والجزيرة منا وفينا، وبكل سذاجة التاريخ البشري وكأن الثوار كلهم مراسلون للجزيرة يتسلمون أجورهم بالقطعة.

انتقلنا فوراً وبعدها لرهن البلد للإرادة الإقليمية كما كنا منذ مؤتمر حرض، وكانت الخطوة التالية الشروع في المحاصصة انتهاءً بحصة الأسد الكبير عبدربه الذي بقينا نقاوم لأجله وحتى اللحظة إغواء النذير الكارثي في نبوءة ويل صنعاء القادم من دثينة.

السأم العام تولى البقية والبلاد تحولت لكيان هائل يائس يتمطى بين فضلاته.

عادة ما يدعي الانقلابيون العسكر الطهرانية لعقد من الزمن، ثم تبدأ الخطايا والنجاسة والقذارة وفساد الضمير والنذالة في الظهور، أما نحن فلا وقت لدينا والأيدي تفرك بعضها اهتبالاً لفرصة حتى في اقتراف الخطايا المجانية.

مرة ثانية لا وثائق لديّ تدعم ما يصل من تألق حكومة الثورة من رئيس وزرائها إلى الوزراء في حمى الاهتبال الجماعي لموارد الزمن الجديد نقوداً ونفوذاً وتشييد مراكز قوى إضافية، فهل أسكت بسبب انعدام الوثائق المذيلة بتوقيعات؟

وهل أن الذي ينقصنا فقط هو وثائق دامغة بفساد الزمن القائم وبغطاء ثوري لنقنع الناس ونخرجهم إلى الشوارع في ثورة جديدة؟

كأننا فقط كنا على ضغينة جماعية مع علي عبدالله صالح فجعلناه مخلوعاً واسترحنا.

التاريخ لا يصفق للانتصارات الشخصية ولا ينظر بتقدير للغل بقدر ما ينظر للأغلال التي تسربلت بها أمة توهمت حصولها على الحرية.

لم يكن زمن علي عبدالله صالح شرطة سرية وتصفيات ومقابر جماعية وتكميم أفواه لنقول يكفي أننا حصلنا على الحرية.

لقد كان زمنه فساداً واستئثاراً ونفوذاً عائلياً، ومحاصصة بحدود ما يسمح به هو، وماذا حققناه بعده؟

لقد انتقلنا إلى فساد واستئثار ونفوذ عائلي ومحاصصة ليس بحدود ما يسمح به أحد أو قوة غير قوة الاستحواذ والقدرة على أن يري المتهبشون لبعضهم احمرار عيونهم والأمان المفتوح والفوهة المتوثبة في بنادقهم المتزاحمة على متاع أرملة حظها عاثر.

ألم تكن أخطاء علي عبدالله صالح التي أفضت للحراك وفك الارتباط هي أحد أسباب ثورتنا عليه؟ ولقد تم معالجة هذا الخطأ بترك الوحدة لمصيرها.

نقمنا عليه من استئثار حزبه بحصة الأسد في اللجنة العليا للانتخابات وأموال الانتخابات وبالمقابل تم إنصاف ضحيته الحزبية بمنحها هذا الدور الغوغائي في حكم البلد.

لطالما أخبرنا أنفسنا أنه فرط بالسيادة ووقع اتفاقيات حدودية شككنا أنه تسلم ثمن تنازلاته، وها نحن بعده نفتح البلاد على مصراعيها أمام أجهزة استخبارات العالم، وتحديداً قدمنا أنفسنا وبلادنا كحلبة لنزال الاستخبارات الإيرانية والسعودية في معركة طويلة المدى بين نظامين يعتمدان القداسة وأموال النفط في معركة مؤجلة من مضمر التاريخ الإسلامي افتتحوها على رأسنا وكأننا ذخيرة شيكي رخيصة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق