الأحد، مارس 24، 2013

الخروج من الدوامة


محمود ياسين

أذهب وأعود لأنني أريد هذا!

أغيب ثم أفتقدكم، وهذه المرة لست ملزماً بشيء عدا هذه النوعية من الكلمات لتبادل الاتقاد الذهني أو الكسل أيضاً.

يتحدث الكاتب البلقاني كمبروفتش عن هذا الحق في قول أشياء بهلوانية مرحة بمعزل عن النظير الاجتماعي وتكريس الكاتب ذاته لحل مشكلات المجتمع العرقية، أو الإشارة لهذا المجتمع بأن الكاتب قد فهمه تماماً، وأصبح جاهزاً لإنارة دربه.

أنا حقاً لا أفهم مجتمعي جيداً. وحين أكتب أحياناً، فإنما يكون ذلك أشبه بالإيماءات المتكسبة والجذابة لامرأة غريبة ليس بالضرورة أن تكون جميلة.

أصبحنا منظرين جميعاً، ولقد علقنا في أغوار السياسة، وأنا أخشى هنا على ما كنا قد علمناه أو شرعنا فيه من الكتابة للفن والحيرة الإنسانية ومآزق وجودها.

هذه المرحلة من كتابة الكثيرين هي تكريس للموقف، والضد هو اللاموقف واللايقين، حيث طرح المزيد من الأسئلة واستظهار براعة الذهن القادر على التلاعب بالمفاهيم وإعادة صياغتها، والسخرية من كل ما هو ثابت وقاطع وأصيل.

أصلاً وظيفة الكتابة ليست إلقاء الضوء فقط، أو أن المهم فيها هو المضامين، بقدر ما الكتابة هذه هي عرض مدهش جدير بالشغف.

أعرف أنني سأعود من الغد لعلي محسن والقمش وحميد والحراك وهادي، وضمن البحث في مجريات الحوار الوطني، فأنا عالق أيضاً، وهذه المرة الخامسة أظن التي أكتب فيها عن أنني عالق في هذه الأسماء، لكن هذا هو الأمر.

بودي لو يرسل لي أحدهم قصيدة أو مشروع مسرحية أو نكتة، لكنني أتلقى كل يوم رسائل سياسية هي مواقف ومشروعات تنهض بالأمة. وأنا رغم حبي للأمة، لكنني لست متحمساً هذه الأيام للنهوض بالأمة، بينما مزاجي مقعد، ولا أستطيع النهوض أحياناً لأنادي من النافذة: "يا صالح، بكت سجارة".

هو حقاً من المهم قيام أحدنا بما عليه تجاه الأحداث السياسية، والمساهمة الفاعلة أو الفعالة في النهوض بالوطن، لكن الحياة لا تقتصر على موقف سياسي جلي ونزيه، وتكريس الذات لإعلان الانحياز القاطع لمتاعب الناس ودأب بناء دولة حديثة.

إذ إن هناك إضافة لهذه المهام، نكات ينبغي أن تروى، وقهقهات، وملابس عليك شراؤها، ناهيك عن وجوهك العزيزة التي أوشكت على التسرب من ذاكرتك.

في الأيام الأخيرة يردد أغلب من يراني تساؤلاً حول أنني أبدو أكبر قليلاً من هذه الصورة المنشورة جوار المقالة.

الصورة هذه التقطت لي قبل 3 سنوات بدمشق، ويعتقد البعض بسبب حسن ظنهم بي، أنني أتقدم في العمر بوتيرة مضاعفة، بسبب من همومي الوطنية.

والحقيقة أن ذلك بسبب الأرق، وربما التدخين بشراهة، لكنني أحتسب الأرق الوطني إلى جواره، ذلك لأنعم ببعض مزايا الوهم هذا.

هذه المقالة بحث في فكرة أن السياسة التهمت وجودنا، وأربكت مجال رؤيتنا في دمامتها التي لا تهدأ.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق