الثلاثاء، مارس 26، 2013

الجدار السعودي


محمود ياسين

أشعر بالإهانة كلما تذكرت الجدار السعودي العازل.

الطابور الخامس يختبئ في تاريخ البلدان، أما نحن فطابور السعودية الخامس متواجد رسميا في قلب النظام الحاكم.

لذلك تتحرك الجيوش السعودية، داخل أراضينا، قرب الحدود، وتتبول على سيادتنا، وفي الرياض يوقعون الشيكات بدلا من التوقيع على اتفاقيات احترام السيادة.

"جارنا اليوم غيره الأمس طبعاً

البراميل أمركت شيخ ضبه

صار أغنى صرنا نرى بازدراءٍ

ثروة المعتدي كسروال قحبه"

(البردوني)

أتذكر ما نشرته بعض الصحف عن زيارة الجائفي للرئيس هادي، يحذره من أن السعودية شرعت في بناء الجدار العازل، فصرخ فيه الرئيس:

مالك دخل ارجع عملك.

أشعر بالضياع.

في زيارة رسمية للرياض، طلب باسندوة من الوفد الرسمي مغادرة القاعة ليقول لولي العهد حاجة خاصة.

لقد سلمنا وطننا لمجموعة محتاجين بائسين بلا انتماء ولا شرف.

يبدو أن علينا ترك أقلامنا وحمل البنادق دفاعا عن أرضنا وكرامتنا.

هل يخون الكاتب هويته الفنية إذ يدعو للقتال دفاعا عن بلده؟

أم أن علينا الانخراط في الخيانة الرسمية لوطن يحكمه العملاء؟!

"أمير النفط نحن يداك

نحن أحدّ أنيابكْ

ونحن القادة العطشى

إلى فضلات أكوابكْ

ومسؤولون في صنعا

وفراشون في بابكْ

فنم يا بابك الخرمي

على بلقيس يا بابكْ

نعم يا سيد الأذناب

إنا خير أذنابكْ"

القبائل اليمنية التي لم تلوثها أموال النفط، تدافع الآن عن حدودنا.

مقاومة لتواجد شركات نفط سعودية تنقب في الأراضي المشتركة، حيث يرجح أن أحواضاً تقع داخل أراضينا، يسحبون منا كل أسباب الحياة.

يفترض أن حماية الأرض والسيادة مهمة جيشنا.. أين الجيش الذي أنفق الشعب على بنائه لهذا الغرض؟

إذا كانوا قد حددوا وظيفة جيشنا في الصراعات الداخلية، فليكن مصيرنا رهناً بجاهزية القبائل أو الحوثي، ويقولون لك إن الحوثي سيقاتل ليس دفاعا عن الوطن، ولكن وكالة لإيران.

هذه معضلة خطيرة عندما لا يمكنك الجزم بدوافع من يقاتل المحتل.

لا أحاكم الحوثي وفقا لدوافعه، إن قاوم تقدم السعوديين.

لكن أين الجيش؟

أخشى أن يتحول السلاح الحوثي إلى شر لا بد منه، عندما يتخلى النظام الحاكم عن مسؤوليته في مجابهة التوسع السعودي.

يشبه الأمر بدرجة ما حاجة لبنان الفادحة لحزب الله وسلاحه.

أظن الحوثيين يعون هذا الأمر ويسعون إليه، ما الذي ستتهم به جماعة تقاتل دفاعا عن الحدود؟ ضعف الجيش وضعف الدولة عموما يربكان الضمير العام.

فليقم أحدكم بما عليه، ويقنعنا أن الحوثي يستجلب صراعا مع القوات السعودية، أو ليتصرف الرئيس وبشكل رسمي، ويقول للحوثيين أنتم تستقدمون حربا لأجل مستقبلكم، وتريدون محاكاة حزب الله، وتوريطنا في مستنقع يضمن بقاءكم، لكنها تكهنات تدور حول النوايا السيئة للحوثيين، وكأنه علينا المتابعة بحياد من لا يعنيه أمر هذه العمليات العسكرية، غير أن يلوي شفة من يدرك المخططات الشريرة وكأنه يراقب الخمير الحمر والقوات الحكومية، أو يراقب الصراع في الإكوادور.

هذا بلدنا، ولنعرف أولاً من يجازف بسيادته، ولنقل له توقف.

لكننا فقط نحيل على مقتضيات الضغائن الاستقطابية في سباق على النفوذ والتسلح والهيمنة.

وإن تكن السعودية تسعى لقضم منطقة جديدة، فلا تدعوا يا كارهي الحركة الحوثية، أو يا من لا تروقكم جذرية الحركة، وأنا منكم، لا تدعوا لها الاستئثار الآن بشخصية البطل الوطني، لندافع عن بلدنا، ولنناقش لاحقا أمر الدوافع وبقية التفاصيل.


هناك تعليق واحد:

  1. هذا هو الكلام الحق فعلاً,صحيح... يجب علينا حقاً أن نفصل الأمور عن بعضها البعض أولاً حتى لانتيه في زحمة المختلطات والمتداخلات بالضبط كما سطرت سيدي الكريم,الدفاع عن مابقي من كرامتنا وسيادتنا على أرضنا أمام عجز الدولة والجيش أو قل تواطئهما حقيقةً فلا مجال اليوم للمداراة ومسح الأحذية وقد بلغ الأمر هذا المبلغ هذا أمر... ومن ثم تصدر القبيلة و لم لا الحوثيون لشغر مكان الدولة والجيش الفارغين في علاج هذه المشكلة أياً كانت سبل ذلك العلاج وكلفته هذا أمر آخر... ولما مجال هنا للحديث في النوايا الحوثية خلف هذا التصدر للواجهة ولا يحل الحديث في نوايا الحوثية قبل الحديث في تواطئ الدولة وتقاعسها في أداء واجبها الشرعي والمقدس تجاه أراضينا ومقدراتنا ولو صح لنا أن نشير للحوثية بإصبع إتهام فلايحل ذلك قبل الإشارة للدولة وتقاعسها بالأصابع كلها...تحياتي

    ردحذف