الأحد، يونيو 16، 2013

عاصمة خالية من المشايخ ومن السلاح كله


محمود ياسين

أتدرون أن على عبد ربه العواضي الشيخ الذي قتل مرافقوه اثنين من الفتيان العدنيين بصنعاء قبل أيام – والذي لا يزال يحتفظ بالقتلة إلى الآن ولم يسلمهم هو أخو المناضل أحمد عبد ربه العواضي الذي كان رأس حربة فك حصار السبعين وأنه في عز مجده دخل السجن بسبب قيام مرافقيه بقتل مواطن؟

أسأل هل كان لدينا دولة تلك الأيام أم أخلاق؟ وهل يمكن القول أن القاضي الإرياني كان أقوى مما هو عليه عبد ربه هادي هذه الأيام؟ ربما كانت أخلاق والتزامات ما بعد ثورة سبتمبر 62 أكثر حضوراً وفاعلية من رمزية ثورتنا الأخيرة أخلاقياً على الأقل.

حتى أنني أظن المشايخ أنفسهم كانوا أقل نزقاً مما هم عليه الآن. لكن الرهان يبقى على مدى تواجد دولة ورئيس يحمي مواطنيه.

كان الفريق العمري قائد الجيش والرجل الأقوى في صنعاء قد تبادل الشتم في التلفون مع مصور اسمه الحرازي فأرسل القائد الأعلى للجيش مرافقيه لقتل الحرازي بمحله في شارع جمال فانتهى تاريخ الجنرال وأمضى بقية عمره في المنفى.

ولقد تعرض هذين الرجلين القويين للعقاب على قتل مواطنين في دولة الإرياني الذي قالوا إنه كان "رئيس ضعيف" فما الذي سيوصف به هادي في حال بقى القتلة خارج السجن؟

لقد تراجع طموحنا الشعبي من الإصرار على معاقبة من أرسل المرافقين أو قاموا بالقتل بسلطانه كما حدث مع الفريق العمري والعواضي الكبير. وتراجعنا إلى المطالبة بمعاقبة المرافقين فقط وحتى هذا لم يعد متاحاً.

كيف انحدرنا الآن إلى هذا الحد؟ وما الذي أوصل المشايخ لهذه المرحلة من الغطرسة والانفلات؟ وبدون هذا كله وبدون حاجة للتساؤلات الأخلاقية نحتاج عاصمة خالية من السلاح ضمن حملة إنسانية وطنية محمومة تسعى بدأب وقوة لتنظيف العاصمة من كل مظاهر الهمجية والتخلف.

المشايخ ليسو على كل شيء قادرين ويمكنكم التفكير في إبراهيم الحمدي الرئيس الذي انحاز لشعبه وامتلك الإرادة الكافية لنبذ المشايخ خارج العاصمة دون أن يكون على الرئيس هادي اختزال المعركة كلها في الثمن الذي دفعه إبراهيم مقابل تحليه بقوة الرئاسة ومسؤوليتها. وذلك أن الغدر بإبراهيم كان محصلة لمجموعة تفاعلات محلية وإقليمية وأنه بوسع الرئيس هادي الاحتفاظ بمسؤوليته دونما ضرورة للتفريط بأمنه الشخصي. ثم أن التضحية واردة بأكثر من شكل لتقويض هذا الهيكل الهمجي الجاثم فوق حياتنا.

صحيح أنه ليس من الحكمة ولا من الصواب إلقاء لائمة كل أخطاء هذه المرحلة على الرئيس السابق لكن في هذه بالذات نعرف جميعاً أن علي عبد الله صالح هو من أذكى موارد هذه الحالة المشائخية بصلافتها ونزقها وهو من منحها المكافأة مقابل تحليها بأسوأ ما استجلبته من عادات الأقيال السيئة عبر التاريخ. في عهد صالح وصل المشيخ لذروة عنفوانه بغطاء سياسة رئيس وموارد دولة لكنه مقارنة بزمن هادي كان بطريقة ما يسيطر على جانب من المحصلة النهائية لوجود المشيخ وقادر إلى حد كبير على توجيه حركتها. أما هادي فهذه القوة العمياء المستنفرة بمعزل تماماً عن أصابعه وخياراته, ونحن لا نحتاج لسيطرته عليها بقدر ما نحتاج للجمها تماماً. والمقارنة فقط لنعرف أن المشيخ المسلح أصبح أكثر خطراً وقدرة على زعزعة أمن البلد..

التفاوض والاحتواء لم يعودا مع المشيخ المسلح أكثر من سياسة لتغطيتها أخلاقياً وإطالة عمرها.

هذه عاصمة دولة وليست سوق فتوات, ولن تكون صالحة للعيش ولا حتى للسياسة ما لم يتم إفراغها من السلاح تماماً.

سلاح المشايخ وسلاح الجماعات والمليشيات التي تنتمي لكيانات سياسية, إخراج السلاح كله.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق