محمود ياسين
بلد جميل هادئ ومتقارب للغاية.
الكويتيون يقومون بأشياء كثيرة لتخطي محنة الغزو. ولم أعرف شيئاً عن العالم السفلي لبلدٍ يتكاثر فيه الإسلاميون بمطالبهم الصارمة.
بين الفندق وسينما قريبة منه يمكنك التجول بذلك الاكتفاء الذي يقوم به صحفي ضيف لا يريد معرفة ما هو أكثر من كون هؤلاء الناس طيبين ويقصدون (والله وانعم) بعد معرفة اليمني.
نساء متأنقات بخبرة من لم يعد محدث نعمة منذ زمن بعيد. لا أحد يدخن أو يصرخ في صالة السينما، ولا أحد يصرخ في سوق مكتظ بالآلاف والأرقام الخيالية.
يتحدثون في المناظرات الانتخابية عن أزمة القروض الشخصية وعن حقول الشمال وكيف أنهم لم يستفيدوا من تخفف الموازنة العامة من فاتورتي التحرير وإعادة الإعمار. لديهم منغصات قبلية وطائفية لا تزال التهديد التقليدي لما يعتقدونه رحلة الكويت في طريق الديمقراطية وحركة الحقوق المدنية.
لم أسمع شيئاً في المناظرة أو في أعمدة "الوطن" الصحيفة التي لم تغفر لليمن بعد.. لم أسمع شيئاً عن "البدون"، ولا عن كراهية اليمن.
حتى مسلم البراك, رأس الحربة في مشروع اللاغفران لدول الضد، بات هناك ربما في "فلة" بالضاحية، ولم يتدخل في ما بدا لي (تبادل الدماثة) بيني وبين بقية الكويت.
جاسم الخرافي لم يقل شيئاً هو الآخر مما يناهض أسبوع الصداقة هذا. ظهر فحسب في الصفحة الأولى مبتسماً دون أن يقوم بشيء لمعالجة التجاعيد. ظهر في صفحة "الوطن" معلناً عن مركزه الانتخابي.
والبقية أن الناس هنا قليل ولديهم نقود كثيرة وسواقون من الفلبين ومستخدمات مختصرات وخفيفات من شرق آسيا.. ولن تعدم كلمات انجليزية حفظتها من الثانوية لتطلب بطريقة مهذبة خدمات من أناس اعتادوا هز رؤوسهم بحياد. ذلك يكفي للتواصل الكامل وبكلمات قليلة، إذ لا سوء فهم تاريخي بينك وبينهم. تواصلك الثاني مع الكويتيين، لا يتجاوز نحن أصلاً نحب الكويت وكنا نشجع الفريق، وهم بالمقابل أغلقوا الملف ولدى بعضهم ذكريات عن زيارة صادفوا فيها يمنيين تلقائيين، وكل أشكال المديح تدور حول مزايا الأصالة من كرم الضيافة في اليمن إلى احتكار اليمنيين لمفاتيح صناديق المؤسسات في الكويت.. حتى إنهم استعادوا قصة إعلان حاجة مؤسسة لأمين صندوق بشرط أن يكون يمنياً..
تبقى في الأخير جزء من مشروع تخطي الأزمة. واستضافتهم لك تؤكد إلى أي مدى هم في الطريق السوي.
كنا الخمسة في الوفد الصحفي ضمن عملية النسيان طويلة المدى. إنهم يحاولون ذلك بجدية اللهم إلا التنويه بأن العراقيين أقذروا حتى الحنفيات وطفايات الإضاءة.
لا شيء يعود كما كان في الماضي، ولا يمكن لمقولة من نوع: كان العنبري أفضل لاعب عربي، أن تعيد فتح الباب الجانبي لمخدع العشق بين اليمن والكويت.
لذلك حرصوا في برنامج الزيارة على إبعادنا عن مؤسسات وشخصيات قد تسمعنا ما هو سيئ. يعرفون أين سنتعرض للإحراج وأين سنعامل وكأننا الأشطل مندوب اليمن في الأمم المتحدة أثناء الغزو.
المباني أفقية وحادة. لها علاقة مفرطة بضيق المساحة ومحاولة تمثل النموذج الغربي ضمن المساحة المخصصة للزجاج ورأس المبنى المدبب. فضاء هادئ بلكنة الآسيويين، وغلاء الأسعار، وذلك الاحتشاد الحذر لحياة دولة في قلب عاصمة بودها لو تكون مدينة حرة.
يقولون إنهم أسسوا لدبي أو أن رجل الأعمال الكويتي حضر تدشين تلك المدينة المفتوحة. غير أن لديهم أزمة مع ما ينبغي وما لا ينبغي بشأن الأخلاق التجارية والسياحية، ناهيك عن الإسلاميين المناقضين تماماً لطموحات تحويل العاصمة لما يشبه دبي.
والبقية أحاديث عن أمجاد الكويت..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق