الثلاثاء، يناير 03، 2012

رجل حقير انظم للثورة!

محمود ياسين
sayfye@gmail.com

أعرف رجلا مضى على زوجته 20 عاما وبودها لو تأكل جبن بلدي ، وهو مؤخرا قد انظم للثوره ، ويمضي المساء يبيجر للثوار ، ليشاركهم الثوره تلفونيا ، بعد ان بكون قد تسلم ايجاراكثر من 20 دكانا وعمارتين. رجل بخيل ، وحزين على ارواح الشهداء ، مع ان كل الذين في بيته شهداء، اضن جريرا كان يقصده بالتحديد عندما قال : والثعلب اذا تخنع للقرى ... حك أسته وتمثل الأمثالا.. لايمكنك ، بالطبع ، الإنتضار الى ان يقف هذا الرجل على المنصه ، لتختطف المكرفون من يده صارخا : لاتصدقوه ، هذا ثري جشع ، وزوجته خاوره جبن . لا أحد سيدرك مالذي ترمي اليه ، وعلى ماذا تستند في محاولة فضح هذا الثوري الذي تعتبره زائفا ، اذ ان ليس بالضروره ان يكون الثوري كريما .. ناهيك عن بخلاء تاريخيين سمعنا عنهم في المرويات لم يحل البخل بينهم وبين المشاركه في انقاذ الشعب ، لكن اين المعيار الإخلاقي من هذا كله ؟!. اجد في الساحات ابطالي المثاليين ، والذين وصل بهم تمجيد الحريه ، درجة من اطفالهم الحق حتى في شتم الثوره ، اخبرنا احدهم انه لايدري من الذي لقن طفله " الشعب يريد علي عبد الله صالح " ازعجه الأمر، غير انه لايتدخل ، ولا يبقي الشوكولاتا التي جلبها لهذا " البلطجي الصغير" ، حد وصفه، لايبقيها في جيبه كعقاب ، بل يمنحها للصغير، مع تحري فارق نصف ساعه او اكثربين الشعار، وبين تقديم الشوكولاتا، حتى لا يعتقد الطفل ان الشوكولاتا مكافأه ، او ان هذا جهد المقل. ثوري ملتزم يعتقد ان " بلطجي صغير " ، مجرد مزحه ، وان الحريه لا يمكن ان تجزأ، يقترض ويحلم ، ويعض على شفتيه منذ انظمام علي محسن الأحمر، ممسكا بحلمه ، ذلك ان مغادرة الساحه ، احتجاجا على غياب المثال الإخلاقي في الثوره ، عمل احمق كما يعتقد. هو يمارس للثوره ، بما هو متاح ، وفي كل مساء بأسف للخروقات الثوريه ، ويقترض ثمن الشوكولاتا ، ويعود ليسمع آخر شعارات معسكر الأعداء في غرفة نومه . مثال الثوري البخيل اكثر جلاء والهام من الكتابه عن الثوري الملتزم ، ذلك ان الأول واقعي للغايه ، بينما الثانب حالم ، وضبابي ، وذهننا لايمكنه التقاط هذه الروح الغريبه المغايره. ان تكتب عن الحقراء ، فذلك يجعلك نافذا كامل الضربات ، ولعل ابرع المرويات الفنيه ، التي تناولت نموذج الإنسان الدنئ، وهو يرهقك ويحيرك، ويسبقك الى الثوره ، ويكسب ، ويخدع الدنيا باستجابته لشروطها الدنيئه . اراقبهم في الصحف والفضائيات بسرقون الزمن المفترض تخصيصه للمتضررين من زمن علي عبد الله صالح ، ليتحدثوا عن زمن الثوره كما يفهمونها ، وعل طريقتهم ، واذا ماحذفت من مشاركاتهم الثوريه ( الرئيس المخلوع - النظام الفاسد ) ستجد انهم من ذلك النوع الذي يشبه منافقي علي عبد الله صالح ، في الماضي ، حيث المنجزات والوطنيه المبتذله ، التي تجعلك تؤمن حقا ان الوطنيه آخرملاذ للأنذال . يجدر بأحنا ان يضحك ولا يدع لهؤلاء اصابته بجلطه دماغيه ، فلا توجد اصلا هيئه لفرز الثوار بين ادعياء وحقيقيين . وغالبا ما يتحول هؤلاء أنفسهم الى لجنة فرز تقوم بإقصاء كل الحالمين ، وتوردهم الهلاك ، بعد ان تقضي على سمعتهم ، مستخدمة ضحالة الوعي الشعبي ، وحالة الضجيج القاتمه . لا انصحك بالقهراذا ما سمعت عن تعيينات اعلاميه ، في ذات المؤسسات ، للمتقافزين من سفينة الرئيس في اللحضات الأخيره . ستصادفهم في ازقة الأيام القادمه ، متحمسين ومخلصين ، وكأنهم معارضه شريفه ، تذود عن قوه سياسيه اصبحت سلطه الآن . منطقهم غبي وقديم ، واذكر ان كثيرا من ابناء شعبنا ، قد انحازوا لصف الثوريين السبتمبريين الذين سحلتهم ثورة سبتمبر، وذكروهم بالإسم ، غير انهم ، هذه الأيام ، يباركون ذات العمل الدنئ المتكرر امام زمن معطوب اخلاقيا. يتصلون من القريه مطمئنين للمدى الذي وصل اليه نفوذنا ، بعد ان اصبحناالسلطه الجيجه ، ويردون حوافز هذا النفوذ، مطالبين بجملة فسادات وتجاوزات متاحه ، وهم الذين لطالما هتفوا ضد النظام الفاسد. مايؤسفني اكثر هو ان يعطب الضمير الجمعي، وليس ضمير النخبه ، ذلك مبعث تشاؤم واعادة تفكيرفي بيولوجيا الإخلاق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق