الاثنين، يوليو 02، 2012

بورتريه لأحمد خرصان


محمود ياسين


لأحمد خرصان هاجس الإلهام والولع بالمعرفة – لديه قصائد وظل للبردوني على تفعيلة قصائده.

رجل بالغ الضراوة مثل الحياة التي يمضغها قاتاً وأحلاماً وأصدقاء ولديه حداثة يتجول بها أمام عيون ذو محمد.

وأن تكون من ذو محمد وتقطن في وراف ذلك يعني معضلتك التاريخية مثل أحد الهنود الحمر يدرس الفلسفة في جامعة هارفارد. لطالما صادفت مثقفين كباراً من "ذو محمد" بيت دماج مثلاً لكن أحمد أكثر قدرة لدفعك لتتخلى عن ما كنت قد شكلته في إطار "صورة عنيفة" تختصر فيها هذه القبيلة. أصبحت ذو محمد بوجود أحمد خرصان أكثر حميمية.

كان أول أيام الثورة يجادل ويود لو يدعه المثقفون المتشائمون مسترخياً في حلمه الثوري ولطالما وقف في المقيل حين نوشك على إيقاظه من حلمه يقف متأكداً من سجائره ومخطوطات قصائده قائلاً: أنا رايح الساحة.

لا أدري ما الذي تعنيه الساحة وخليج الحرية وإب والثورة بدون أحمد خرصان ونزاهة أحمد خرصان والمتور الذي يسافر كل مساء تمام العاشرة بين خليج الحرية ووراف حاملاً أحمد خرصان.

لطالما خشي المثقف الموسوعي محمد الهيصمي على أحمد خرصان من صدمة ما وتعرضه لحقائق فادحة.

يحدق أحمد في وجهه مصغياً للمنشار الذهني الهائل في دماغ الهيصمي وهو يفكك المسلمات والمقولات وخلاصات التاريخ ويفتتها بلا هوادة.

عندما تقول (بورتريه لأحمد خرصان)  ذلك يعني أن ترسم بألوان من وجه الهيصمي وظلال رواياته وعوالمه وكأن الهيصمي شفرة المعرفة ومنهج الشك وخلاصة الحقائق المروعة التي يتحاشاها أحمد خرصان.

رجلان صادفتهما بإب وتحولا إلى هاجس مرضي استخدم أحدهما لتلوين الآخر وأركب منهما نموذجي الكامل الملائم لشخصية المثقف الذي يحلو لي...

لا أتحدث عن الهيصمي كخلفية للوحة خرصان بقدر ما هو بحث في ظلال إب المنقسمة.

الظلال الباحث عن هوية ثقافية بمقاس ملائم يلعب فيها أحمد دور إطار اللوحة وخطوطها الرئيسة, وكأنني لم أفهم روعة الهيصمي إلا بحضور ضمير أخلاقي بقوة أحمد وقدرته على التقاط جواهر الوجود وتجلياته حين يلفتك أحمد قائلاً: هذا الهيصمي منشار المعرفة وخلاصة العقل القادر على اقتراف الشك وخبط رأس المسلمات على حائط إسمنتي.

يقول لك خرصان: هذا الهيصمي قارضة الكتب والدماغ الذي يكشف المدى الذي وصلت إليه إب في طريق المعرفة, هذا الهيصمي الرائع والجلف.

وكأنه يقودك إلى حيث يمكنك التقاط مزايا إب وكأنني كنت بحاجة لأحمد لأرى عمرو ياسين الذي كان معي منذ زمن.

وتمكنت بضمير أحمد من رؤية عمرو وهو يعيد تكوين خلاصات أغلب ما قرأته من روايات.

وأتساءل مؤخراً: كيف ومتى كون الفتى هذه الرؤيا المتجاوزة؟ وكيف أتوقف عن مقاومة شعوري بأن عمرو واحد من أهم الكتاب الذين قرأت لهم.

يعلمك أحمد كيف ترى وتتلمس ما يجاورك بثقة وشجاعة وأنه بوسعك الوصول إلى تسوية بين ما تحلم به وما أنت عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق