السبت، ديسمبر 15، 2012

شخصية مصر الجديدة


محمود ياسين

يتحدث إخوان مصر الآن لهجة التجمع اليمني للإصلاح بداية التسعينيات.

إذا مررت بقناة "مصر٢٥" تظنها قناة من حقنا الباهتة، والاستوديو مرتجل هكذا، والمذيع لا يميز بين الإعلام والتعبئة المباشرة، مستضيفا شخصيات شعاراتية تجريدية. ويبدو الأداء الإعلامي الإخواني وهو يغطي عملية الاستفتاء، ومنذ بداية الأزمة، شكلاً من الجهالة المختالة، وذلك النوع من التحدي البدائي، وتمرير أخطاء الذهن الشمولي وخياراته، وبلكنة تورث الضغينة ضد من يستقوي بالنفوذ وليس بالفكرة.

كل الذي ردده إعلام مبارك من المؤامرة، مرورا بالبلبلة والمغرضين وخطر الاعتصامات على السياحة والاقتصاد القومي، كل ذلك الهراء تلقفه الإخوان على أبواب قصر الاتحادية، وحملوه "بتشديد الميم" على وهج السلطة المهتبلة، وزادوا على ذلك البرنامج الإعلامي الذي تلقفوه، زادوا عليه من عطورهم الإسلامية، المزيج من الأصالة والمعاصرة، يقصدون بالمعاصرة الكرفتة التي يرتديها مرسي بدلا من جبة الخليفة "وهات يا رش ودفع عنيف للجاموسة المصرية لتلعب دور جمل يحمل المهاجر بين مكة والمدينة.

عادوا للهجة الوطنية المصرية أيام عرابي،وكيف أن نابليون قال إن مصر أهم بلد في العالم، وتلك اللهجة التخوينية لصوت مصر الذي سمعناه على مدى العقود الأخيرة، ممثلا للممانعة التقدمية، ضدا على مشروع تجريف مصر في زمن مبارك.

عبدالحليم قنديل فلول، والبرادعي يأكل في أوروبا ويتغوط في مصر، وهذا هو المستقبل إذن.

تشعر بالرعب حينما تحاول تصور شكل المستقبل وإمكانية العيش تحت رحمة لهجة كهذه، وبين يدي هذه الجاهزية لجرف الشخصية المصرية المقاومة لهذا الاستحواذ على الحق والشرعية.

لا أحد يمكنه الرضوخ لمنطق التسامح الديني مع أقباط مصر، معولا على وعد بأن يتمثل الإخوان شخصية عمر بن الخطاب في معاملة أهل الذمة.

تحتاج مصر كلها لمبدأ المواطنة المتساوية، وليس لالتزام بعدالة الإسلام.

دستور لا يقطع بغير الهوية المصرية الجامعة.

عندما يحدد الدستور هوية مصر في تعريف "إسلامية"، فذلك يعني أن أكثر من 10 ملايين قبطي هم ذميون، وليسوا شركاء في الهوية الأساسية للدولة التي كانوا فيها أقباطا قبل مجيء الإسلام.

فكرة وجود القبطية قبل الإسلام في مصر ليست معيارا لحقهم في هوية مصر، بقدر ما إن الفكرة هذه صالحة لمجادلة الإخوان قليلا، وبمنهجهم الإقصائي الذي يبدو من خلال هذا الدستور أنه قد أزمع صفوية ما، وفلسفة حكم حسنة النية، لكنها بلا أدوات ولا كفاءة.

يريد الإخوان حقا الخير لمصر، لكنه خير الداعية الصارم المدجج بناخبين يسدون عين الشمس.

والانتخابات المضمونة هذه تتكئ على ما يتجنبه الجميع من اعتراف بالتخلف الهائل، يمنح القوى التقليدية كل مزايا الديمقراطية، وهذا الأمر معضلة لم يتمكن حتى هيكل من تبسيطها لنا في أكثر من حوار.

نحن شعوب متخلفة، وإلا لما حصل الإخوان على الأغلبية، إخوان مصر تحديدا باعتبارهم المقابل النقيض لخيار ليبرالي علماني متاح للناخب المصري.

هذا الخيار الغائب عندنا كلية، ذلك أن إخواننا نحن متقدمون على إخوان مصر، وليبرالييننا أو حداثييننا متأخرون عن ليبراليي مصر، فالتقينا هنا الى المنتصف، حيث تتداخل القوى، ولا يمكنك تحديد خيارات متباينة تقدمها للناخب اليمني.

أما المصريون كشعب فهم الآن، وبمعايير انتخابات البرلمان والرئاسة، وما ستكون عليه نتائج الاستفتاء، فهم يقدمون أو يلعبون دور الدليل الناصع على العلاقة الشائكة بين الديمقراطية والتخلف، أو يمكن القول إنهم العينة الأمثل لاختبار جاهزية المجتمعات للديمقراطية.

ليس كل من ينتخب الإخوان متخلفاً، لكنه أقل جاهزية للتمييز بين علو الهمة ونظافة اليد اللذين يمثلهما الإخوان، وبين سمو العقل وهمة التحديث الممثلة بالخيار الآخر.

وهم كانوا أصلا هؤلاء الليبراليين المصريين حالة عائمة وجلة أيام مبارك وقبله، غير أن الانفعالية الإخوانية وما أفصحت عنه من تهديدات قد استظهرت الحالة الليبرالية كردة فعل تلقائية، إذ ليس كل المتجمهرين حولها ليبراليين بالضرورة. ذلك أن نسبة كبيرة أو قد تكون الأكبر في حشود ميدان التحرير، هي للخائفين من البعبع الإخواني.


هناك تعليق واحد:

  1. انت لديك حساسيه مفرطه من الاخوان انت كاتب لماذا نحن العرب انانيين اذا قرأت لكاتب امريكي من الحزب الجمهوي عن رجل من الحزب اليمقراطي او عن الحزب المنافس له فانه ينصف في كتاباته اما بالنسبه لقناة مصر 25 فأنها قناه مهنيه وذات استوديهات رائعه ويكفي انها هزمت الهجمه الاعلاميه من قبل اكثر من 20 قناه مضاده لها وهي القناه الوحيده الممثله للاخوان ،،،،،،،،،،،، عاش اخوان مصر واليمن ولا نامت اعين الجبناء

    ردحذف