السبت، مارس 01، 2014

مظالم ظلامية


محمود ياسين

أعتذر لكل سلفي، كوني تحدثت عن ترحيلهم لإب بشوفينية.

هذه بلاد الجميع، وستظل عملية تهجيرهم من صعدة وتواطؤ الجميع على هذا التهجير عارا على الكل.

وصفتهم بالظلاميين وكان عليّ الاحتفاظ بهذا التوصيف لما بعد وضعيتهم المظلومة الآن.

صحيح أن محمد مهدي يحرم عليك في إب رقص العرس وهو بلا مجاميع بهذا القدر الذي يتوجه الآن لإب فما بالك وقد أصبحوا حشداً هائلاً؟

لكن عدم امتلاكهم الحق في ممانعة جوانب الحياة المرحة المفتوحة على المستقبل لا يمنحنا الحق في مصادرة ما هو لهم في بلادهم مثلنا.

عندما يسعى أحدهم لحرمانك من حقك في الفن والتفكير أو أي حق فلا يعني ذلك أن تحرمه بالمقابل من حقوقه، فالمسألة مبدئية وهي أن عليك القبول بالآخر المتزمت والذي سيجعل حياتك مضجرة وان تقاسمه الأرض التي لكما وستجد طريقة للرقص بينما يكون نائماً.

يعني يجدر بإب أن تقيم أعراسها بعد الفجر أو قبل أن يستيقظ السلفيون، لكن هذا هو ثمن الالتزام الأخلاقي بمبدأ الوطنية العادلة وتجنب خطيئة نفي الآخر أياً تكن طباعه.

قدر إب دائما الإذعان لمبدأ التعايش ولو بثمن فادح.

لطالما انحزنا للحوثيين أيام كانت مظلوميتهم تدفعك للانحياز لجانب الضعيف الذي اختبر حرباً وتعرض لهجوم بسبب ظن في نواياه، وبسبب نبوءة ما، وكنا نكتب بلا كلل. لكن رد بعض المظالم يترتب عليها وهي في طريقها لانتزاع العدالة أن تقترف بدورها مظالم يعميها الاندفاع عن رؤيتها في الطريق.

الأمر هنا لم يعد قسراً على موقف الكاتب ومستوى ما يتمتع به من حكمة لنرى كل شيء في مكانه، إذ يمور اليمن الآن باندفاعات فائرة، عمق احتقانات مظالم التاريخ والجغرافيا السكانية والإثنية.. وأنت ما أنت غير قلم أو موقف ليطلب منك الجميع الوقوف إلى جانبهم بوصفهم أصحاب حق ما ويوصف ضحاياهم ظلمة خاطئين قبل هذا..

من يملك منطق العدل الكافي والذي يتحلى بالقوة الأخلاقية ليذعن له الجميع؟ لا أحد في هذه الفوضى يملك منطقاً قاطعاً للعدالة غير الحلم بدولة عادلة.

لقد تساءل أولاد الأحمر عن الدولة، بينما كانت الدولة أو جزء منها في جيوبهم كما يقول نبيل سبيع، ولم يتذكروها إلا عندما واجهوا ما يفوق طاقتهم.. ولقد كان الحوثيون وهم يتعرضون للكاتيوشا يتساءلون ذات السؤال عن عدالة الدولة قبل سنوات، لكن وجود الدولة الآن لم يعد في صالحهم وهكذا هو حال الجنوب أيضاً، ونحن اليمنيون في كل مرحلة تنقصنا عدالة الحاجة أو دولة الحاجة وليست عدالة المبدأ أو دولة العدل بوصفها المطلق، هذا بالنسبة للجماعات على الأقل إذ يتم اعتماد هذا المنطق الانتقائي الزمني، أما الإنسان العادي أو فكرة الشعب على عمومها، فتريد دولة العدالة المستدامة وتحتاجها وعندما يدرك هؤلاء تعذر الحصول على هذه العدالة الوطنية، يذعنون لمنطق تحقيق عدالة الانتماء المنتزعة من أي طرف خصم ولو على حساب بتر أطراف الدولة، وشل حركتها وفي وجودها ضمن السعي المحموم لنفي الآخر.

الآخر بتوصيفه البدائي العصبوي الطائفي المناطقي ليتحول اليمن كله إلى منفى كبير لمبدأ المواطنة ولفكرة الوطن البيت والملاذ..

كل المشروعات الظالمة هذه تحتاج لمشروع وطني عام يقاومها ويحصر وجودها في مساحة المرض فقط..


لكن متى؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق